news-details

جيرمي كوربين: ألا يستحق الشعب الفلسطيني تعاطفنا أيضًا؟

-مقال للقيادي الاشتراكي البريطاني السابق ورئيس حزب العمال المعارض منذ عام 2015 وحتى عام 2020، والمرشح الرئاسي السابق، وعضو البرلمان البريطاني منذ عام 1983

ترجمة الاتحاد

في تموز 2023، تحدثت في البرلمان بعد أن نفذت قوات الجيش الإسرائيلي أكبر عملية عسكرية لها في الضفة الغربية منذ عام 2002. وكان هدفها هو مخيم جنين للاجئين، الذي يسكنه أكثر من 14 ألف شخص، ويعيشون في أقل من نصف كيلومتر مربع. وفي منطقة مكتظة بالسكان كهذه، لا يوجد شيء اسمه ضربات استهدافية. فقد قتل 12 فلسطينيا، من بينهم 5 أطفال، وأصيب أكثر من 100 آخرين. لقد ناشدت النواب من كلا الجانبين في مجلس النواب أن يأخذوا في الاعتبار ليس فقط التكلفة البشرية المباشرة لهذا الهجوم، ولكن أيضًا سلسلة ردود الفعل من البؤس والرعب التي سيطلقها هذا الهجوم.
في يوم السبت الماضي، قُتل مئات الأبرياء في جنوب إسرائيل بوحشية في هجوم مروّع شنته حماس. وتم أخذ العشرات كرهائن. واليوم، ولبقية حياتها، ستشعر العائلات في جميع أنحاء إسرائيل بالحزن على أحبائها، الذين قُتلوا بالرصاص في مذبحة بشعة. الخوف الذي شعروا به لا يمكن تصوّره. وكذلك الأمر بالنسبة للألم والصدمة التي خلفها الهجوم.

رداً على ذلك، قامت الحكومة الإسرائيلية بمحو أحياء بأكملها في غزة. لقد قطعوا إمدادات الغذاء والماء والكهرباء والوقود. لقد استهدفوا المستشفيات ودمروا سيارات الإسعاف وقصفوا معبر رفح، مدمرين بذلك الوسيلة الوحيدة للهروب. فالشعب الفلسطيني، المحاصر في سجن مفتوح، ليس لديه مكان يذهب إليه، ولا مكان يهرب إليه ولا مكان يختبئ فيه.

إن الرعب الناجم عن كل الخسائر في الأرواح، الشباب في جنوب إسرائيل، والآن قصف غزة يجب أن يكون في صدارة أذهاننا. وإنني أدين بشدة الهجمات على المدنيين، الإسرائيليين والفلسطينيين. وأناشد السياسيين في جميع أنحاء العالم أن يبذلوا كل ما في وسعهم لوقف أي خسارة أخرى في الأرواح البشرية. من المؤكد أنه يتعين لدى قيادتنا السياسة أن يفهموا أنه في غياب التدخل السياسي الجاد، فإن كل مأساة سوف تتبعها مأساة أخرى، وسوف تستمر دائرة اليأس المفرغة بلا انقطاع. أمام هذا الرعب، نحتاج فورًا إلى أصوات تطالب بالسلام ووقف التصعيد. ولكن بدلاً من ذلك، وعلى نحو لا يمكن تصوره، يواصل كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين في بريطانيا إعطاء الضوء الأخضر لكارثة إنسانية تتكشف فصولها أمامنا الآن.

كرر كل من وزير الخارجية ووزير خارجية الظل (المعارضة) دعمهما "لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، إلا أنهما فشلا باستمرار في تقديم تفاصيل كافية حول ما يعنيه هذا، ناهيك عن كيفية ممارسته ضمن حدود القانون الدولي. رغم أن زعيم حزب العمل قدم أمس بعض التوضيح.

ففي مقابلة مع قناة LBC، سئل كير ستارمر، رئيس حزل العمل عما إذا كان "قطع الكهرباء والمياه" عن مليوني شخص في غزة، نصفهم من الأطفال، مناسبا. وقد وافق على أن إسرائيل "لها هذا الحق". أين التعاطف مع الفلسطينيين الذين فقدوا أحباءهم وبيوتهم ومستقبلهم؟ ماذا حدث للتطبيق العالمي للقانون الدولي؟

ربما نحن نشهد الآن بداية الإبادة الكاملة لغزة وأهلها. هذه ليست معركة بين دولة وأخرى. لقد صيغ الأمر على أنه رد إسرائيلي على تنظيم غير حكومي، لكنه في الواقع رد على الشعب الفلسطيني أينما كان. إن ما يتكشف أمامنا الآن ليس صراعاً بين أنداد، بل هو التجويع والقهر والتدمير المنهجي لمجموعة سكانية مدنية عزلاء.

وأنا أتساءل، لو تم محو غزة من على وجه الأرض، ما إذا كان ساستنا سوف ينظرون إلى الوراء ويتأملون في حقيقة دعمهم الذي لا يتزعزع للعدوان الإسرائيلي. لو كان لديهم ذرة نزاهة، لكانوا حزنوا على أرواح الفلسطينيين الأبرياء التي تم محوها باسم "الدفاع عن النفس". وينبغي لهم أن يخجلوا من أنفسهم، لأنهم يعلمون أن الآخرين سوف يدفعون ثمن جرائم الحرب التي يرفضون معارضتها.

علينا أن ندين استهداف حياة كافة المدنيين، بغض النظر عمن يقوم بذلك. إن كون هذا الأمر "مثيرًا للجدل" على ما يبدو هو دليل على فساد الطبقة الإعلامية والسياسية التي تصد وتشوه وتدين الأصوات التي تطالب بالسلام.

إن الهجمات الشنيعة التي شنتها حماس على المدنيين في إسرائيل كانت مؤسفة تماما. لكن هذا لا يمكن أن يبرر القتل العشوائي للفلسطينيين، الذين يدفعون ثمن جريمة لم يرتكبوها. حياة كل البشر متساوية. لماذا يصعب على ساستنا أن يكونوا متسقين مع هذا المبدأ الأخلاقي الأساسي؟

هذا هو السؤال الذي يطرحه الكثير من الناس في هذا البلد عندما يعبّرون عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. وهم لا يعبرون عن دعمهم لحماس. إن الخلط المتعمد بين الأمرين هو محاولة انتهازية مثيرة للاشمئزاز لزيادة القضاء على حقوقنا الديمقراطية، وهذا الخلط يتجاهل عمدًا مطلبًا أساسيًا للغاية: وقف قتل الأبرياء.

إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية وقف تصعيد هذا الوضع الكارثي. وهذا يعني الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار. وهذا يعني إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. وهذا يعني إنهاء الحصار على غزة. وهذا يعني الاعتراف بالجذور الكامنة وراء دورة العنف المأساوية هذه: الاحتلال الدائم للشعب الفلسطيني..

وبالإضافة إلى احتلال غزة، هناك أكثر من 140 مستوطنة رسمية في الضفة الغربية، وهو واقع قالت منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" و"بتسيلم" والأمم المتحدة إنه يشكل نظام فصل عنصري. إن الطريق الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم هو إنهاء الاحتلال. وإلى أن يتم تحقيق ذلك، سنواصل الحداد على الخسارة المأساوية في الأرواح، من الإسرائيليين والفلسطينيين.

"غزة تتكبد الضحايا... أمهات يبكين... دعونا نستخدم هذه المشاعر، نحن أمتان من أب واحد، دعونا نصنع السلام، سلاماً حقيقياً"- كانت تلك كلمات أب إسرائيلي أخذت حماس ابنته رهينة بكل قسوة. لا أستطيع أن أفهم حتى درجة الألم الذي يشعر به. ومع ذلك، وفي أعماق الظلام الذي لا يمكن تصوره، وجد الشجاعة للدعوة إلى السلام. لماذا لا نستطيع نحن ذلك أيضًا؟

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب