news-details

عزيزي رزق سلام عليك!| د. ماجد خمرة

ما هذا يا صديقي ويا أكثر من اخي، أهكذا تتركُنا؟ أكان لزامٌ عليك ان تفارقَنا؟ هل كان عليك ان تفعلَ ذلك لتخجلَ من دمع أمك الحبيبة حين تبكيك، بعد ما ناحت زوجَها وابنتيها قبل اعوام. أستميحك عذرا بالسؤال دون الجواب!

حقا، فنحن لا نستطيعَ الهروبَ من القدر وقضائه. لكننا نستطيع التعايشَ معه كما هو، كما هو مكتوبٌ في الرسائل السماوية والأرضية. نستطيعُ مجاراتَه والتعايشَ معه ولكنه سبقك في هذه الرحلة من الحياة محدودة المسار والصلاحية.
لا باسْ، لا ضيرْ، ففي رحلتك استطعتَ ان تشقَّ عبابَ الطريق بمرارته وحلاوته. وعزفت على أوتاره من نغماتٍ ومقاماتٍ موسيقية عربية اصيلة وكلاسيكية أوروبية، غير أنك استكنتَ على نغمة الحجاز الشجية وعلى الالحان الثمانية للموسيقى البيزنطية التي عشقتَها.
تآلفنا في حيفا وادي النسناس فشارعْ حداد والحريري والازقة الملتوية، وانخرطنا في صفوف الشبيبة الشيوعية ثم في الحزب ونشِطنا من خلاله في جميع الفعاليات من توزيع الصحف والمنشورات، فالمظاهرات والاعتصامات.
تلاقينا في صوفيا عاصمة البلغار لتدرسَ أنتَ الموسيقى وانا الاقتصاد السياسي. وتذوقنا الحياة الطلابية، وكم كانت جلَساتُنا تتناغمُ مع الفكر والموسيقى والنكات والفكاهة. عدنا الى حيفا نتابعُ ما قٌدِّرَ لنا بمتابعته من صداقةٍ وتآخٍ في الحياة العائلية والاجتماعية والحزبية على الرغم من الصعود والهبوط احيانا.
جاءكَ المرضُ بمراحله المختلفة دون ان يستأذنَك، دون ان يخبرنَا بمضاعفاته العاجلة. فقابلتَه انت كما هو، على علاّته. فعاوَدْتُك في بيتك نتجاذبُ أطرافَ الحديثِ والسجائر مشتعلة بين اصابعنا. وكم اكدت لي بانه بعد الشفاءِ ستقفُ على رجليك وتمارسُ هواياتك من لعبة البينغ بونغ، وكيف أنك تحديتَ في حينه مدربُك المدعو فريكس. وفي هذه اللقاءات كنا دائما نستذكر النهفات سواءً في بلغاريا او في البلاد. نهفات جمعتنا واضحكتنا وابكتنا في آن.

عزيزي رزق، انت صادقٌ وامينٌ، قلما صادفتُ انسانا في مثل هذه الصفات. لا تخاصمُ أحداً ولا أحد يخاصمُك، باسمُ الثغرِ محياك، وصاحبُ نكتة. وكان لنا سر وعلامات وايماءات خاصة بنا، حيث كانت تكفي لنا النظرة المتبادلة حتى نضحك. نتلاعبُ بكلمات اللغة العربية الفصحى والعامية وأحيانا العبرية ونستلهمُ مواقفاً من مسرحيات زياد الرحباني ونعكسُها على حالات من حياتنا الاجتماعية.

افتقدك؟ اين انت؟ ما هو عنوانُك الان؟ اين؟ في السماء؟ في الأرض؟ اين انت؟ في وادي النسناس؟ في طرعان؟ في صوفيا؟ في معهد الموسيقى؟ عند اختك رجاء وهاني. ابحث عنك يا صديقي.
اسمعُك تقولُ مبتسما "انا هون يا ماجد انا هون يا اهلي".

وما دمتَ مبتسما فدعني اطمئنُك لأقولَ لك:

 فمن طيب الذكر عرسان وجميلة الجمال أمدّ الله بعمرها وُلدتَ.

وتآخيت بالرجاء مع رجاء بمعية سليمان وطيّبتي الذكر امارةِ اميرة ونيلِ النوال. وبالإخلاص تزوجت اخلاصا وتآلفتما.

وانجبتما الراية - رايةُ النضالِ وارفقتموها بصقر من الهيثم لتختتموها بالعلا فإلى العلا يا أكثر من اخي.

 والآن أرقد بسلام حيث لا وجع ولا حزن ولا تنهد.

سلامٌ عليك ولروحك.

16/3/2024

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب