news

نتنياهو يأخذ علامة صفر في اختبار عزة !

"علاقة سببية واضحة بين الحصار وظروف الحياة الفظيعة في غزة وبين الصواريخ التي تطلق نحونا"..




لم يتغير الكثير في غزة منذ عملية «الجرف الصامد» في صيف 2014 وحتى الصيف الحالي. ما زالت الحياة هناك تهديدات تحت الحصار. غزة هي جهنم على الأرض. ما زالت الاغلبية الساحقة من اليهود في اسرائيل غير مبالية بالكارثة الانسانية التي تتحمل حكومتها مسؤولية جزئية عن وجودها، وهم لا يحركون ساكنا من أجل انهائها. الغزيون ما زالوا لا يعتبرون هنا بشراً، بل حيوانات متوحشة ومتدنية يجب وضعها في سجن جهنمي. ما زالت «حماس» المنظمة التي اختطفت شعبها واحتفظت بهم رهائن، وهي تقوم بالتنكيل بهم. جثث القتلى في الجانب الغزي تواصل تراكمها. الصواريخ تواصل الطيران نحو المستوطنات الاسرائيلية. الطريق المسدود ما زال مغلقاً. الخطاب الهائج والفارغ للطرفين ما زال هو الخطاب ذاته. والحرب القادمة هي دائما فقط مسألة وقت.
آخر أيار جلب معه ليس فقط صافرات الانذار واعتراض «القبة الحديدية»، بل ظاهرة أخرى موسمية وهي ظاهرة الذباب. للذباب، مثلما للنزاع بين اسرائيل و»حماس»، قدرة عالية على البقاء. ولكن عندما يطرقون المرة تلو الاخرى على النافذة ذاتها المغلقة فهم يصطدمون بالزجاج ذاته وبالاباجور ذاته. المرة تلو الاخرى. في حلقة لا تنتهي. مئات وحتى آلاف المرات. النافذة لم تفتح من تلقاء ذاتها. ولكنهم لا يتخلون عن الأمل للمرة الألف بأنه سيختفي فجأة وكأنه لم يكن. حياة كاملة يمكنهم قضاءها بهذه الصورة. بحركة رتيبة واحدة. بالتأكيد نحن كبشر (اليهود الذين بيننا)، فإن وجودا كهذا يثير اليأس. ولكن ماذا نعرف عن كيفية أن تكون ذبابة؟ هم لا ييأسون. ايضا لا يوجد لديهم ذكاء، ولا حتى نقطة ذكاء. الذكاء حسب أحد التعريفات معناه القدرة على تمييز النمط، وعلى تشخيص الشرعية. بالنسبة للذبابة كل طرق على النافذة هو للمرة الأولى. فهي لا تميز النمط، هي غبية. يبدو أنه حسب هذا التعريف البسيط للذكاء، فان مقياس الذكاء لدى نتنياهو في كل ما يتعلق بغزة هو صفر. وكذلك الأمر بالنسبة لكل حكومته اليمينية – القومية.
في السنوات الاربع الاخيرة في كل ما يتعلق بغزة فان نتنياهو يقوم بدور صاحب الذبابة – الإله الكنعاني الذي يتحكم بالذباب، رمز الموت والفساد. ولكن يوجد بيننا مثل هؤلاء الذين لم يتحولوا بعد الى ذباب يخضعون لأوامره، حيث ما زالوا يميزون العلاقة السببية الواضحة بين الحصار وظروف الحياة الفظيعة في غزة وبين الصواريخ التي تطلق نحونا، ويفهمون الحاجة الى اتفاق مع «حماس». نحن الذين لسنا ذباباً، والذين يبرز النمط الغزي أمام اعيننا، ببساطة لا نستطيع السماح لأنفسنا بصيف آخر يقوم فيه صاحب الذباب بقتل الغزيين مثل الذباب، بدون أخلاق وبلا هدف. نحن لا نستطيع السماح لانفسنا بأن نعرض مرة اخرى أمننا للخطر، وأمن أولادنا من إطلاق الصواريخ التي الهدف من اطلاقها هو فقط اخلاء المكان لصواريخ اخرى.
نجد انفسنا عالقين في وضع غير معقول. مثل جنود في الخنادق في الحرب العالمية الاولى. أو مثل سكان وسط اوروبا في واحدة من تلك الحروب الأبدية، التي ليس لها أي هدف سياسي، والتي ميزت العصور الوسطى، حروب كان فيها فرسان خرجوا من اجل سبت الدم في الاساس من اجل الشرف والهيبة. وبعد مئة سنة وقعوا على اتفاق سلام اعادهم بالضبط الى النقطة التي خرجوا منها، لأن حرب غزة الأبدية هي جزء من النمط المتواصل في التاريخ الانساني، إنها مسيرة الحماقة.
عن «هآرتس»