برزت الأسبوع الأخير قضيتان قضائيتان لهما قاسم مشترك، وهو التساهل في جرائم عنصرية الطابع، مع الحفاظ على الفرق بين الحالتين. الأولى تراجع الدولة عن رفع دعوى قضائية ضد المستوطنين الثلاثة الذين أقدموا على قتل الطفل محمد أبو خضير في تموز 2014 حرقا في القدس. والثانية، عقد صفقات ادعاء مخففة تسهلُ على متهمين يهود باعتداءات عنصرية على مواطنين عرب في بئر السبع، العامين الأخيرين.
هذه الأحكام في قضايا عالية الحساسية تقع على المسامع والعقول ليس كقرارات جافة باردة ومهنية، لا، بل كمقولات و كمواقف وكرسائل. وهي ليست موقعة من نيابة فقط بل من سلطة بأكملها ومؤسسة حاكمة برمتها ودولة بنفسها. عمليًا، هذا موقف دولة اسرائيل من سلامة وحياة العربي وقيمتها في سياق الصراع السياسي.
ليس هذا قرارا في قضية تعويضات فردية ولا مقاضاة جنائية عادية. خلفية الجريمة والقضية سياسية قومية، لذلك تجعل كل تصريح بشأنها وكل قرار بخصوصها مفتوحا على التفسير الواسع والتأويل المركب. لا يعود الأمر موقفا من جناة محددين بل من قيمة حياة وحقوق المجني عليه بوصفه ذي انتماء وهوية وقومية محددة، والتي كانت هي نفسها دافع الجريمة وليس التفاصيل الواردة في بطاقته الشخصية..
وبناء عليه يجب على السلطة القضائية بأعلى هرمها التمعن عميقا في هذا الأداء ليس حفاظا على ثقة الفلسطيني فيها، لأنه يمكن الافتراض: إن هذا لا يهمها ولا يهمه أيضا.. لا حاجة ولا معنى ولا إمكانية للثقة في طرفي علاقة احتلال استعمارية! لكن يجب أن تفكر السلطة القضائية – خصوصا المحكمة العليا - بسمعتها الدولية.. ويجب مساعدتها في هذا، من خلال حملة دولية تكشف هذه الزوايا المظلمة!