news

احتجاجات عربية معتّمٌ عليها

تتواصل في مواقع عدّة من الوطن العربي مظاهرات واحتجاجات وحراكات شعبية تحمل مطالب اجتماعية واقتصادية واضحة، تلخص مفهوم العدالة الاجتماعية الغائب. ليست هذه احتجاجات لمرة واحدة عابرة، بل تتسم باستمراريتها ومثابرتها، وتسميتها الأمور بأسمائها: نريد التخلص والخروج من الفقر والبطالة ونسعى لعيش كريم.
تصل الأمور في بعض الحالات حدّ قتل متظاهرين وإصابتهم بالرصاص البوليسي، وهو ما حدث قبل يومين في محافظة البصرة العراقية، إذ قمعت أجهزة أمن متظاهرين خرجوا مطالبين بتوفير فرص العمل، مما أدى الى قتل مواطن وإصابة اثنين آخرين. ويقول النشطاء في هذه المنطقة إن البطالة منتشرة بشكل كبير. حاليًا أعلنت الداخلية العراقية عن تشكيل لجنة للتحقيق في قضية المتظاهرين بالبصرة، مشيرة إلى أهمية "احترام المواطن وعدم التجاوز المطلق عليه".
ويستمر حراك الريف في المغرب، بما يشمل مسيرات تطالب بإطلاق سراح موقوفيه، وكانت قد أصدرت أحكام بالسجن بحق عدد من قادة ونشطاء الحراك تراوحت بين عام واحد و20 عاما. آخر المسيرات كانت مطلع الأسبوع بمدينة الدار البيضاء حيث شارك الآلاف في مسيرة احتجاجية دعا إليها أحزاب يسارية وجمعيات غير حكومية للمطالبة بالتنمية لمنطقة الريف شمالي المغرب. من شعارات المسيرة: ”حرية كرامة عدالة اجتماعية”؛ وهي الترجمة الدقيقة لما يحتاجه الإنسان العربي أساسًا اليوم.
الاحتجاجات الشعبية انطلقت أيضًا جنوب الجزائر، بسبب أزمة السكن والتشغيل والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي والمياه الصالحة للشرب. نحن نتحدث عن مناطق عالية الحرارة وتصل 53 درجة مئوية! وقام سكان في عدد من النقاط بالتظاهر وإغلاق الطرقات الرئيسية. هذه أمثلة حيّة على روح الاحتجاج التي لم تنطفئ، ونذكّر أيضًا بالاحتجاجات الشعبية الكبيرة المثمرة التي  شهدها الأردن مؤخرا. والسؤال: لماذا يتم التعتيم على هذه الأحداث في نفس وسائل الإعلام وعلى نفس ألسن الناطقين والمتحدثين الرسميين الذين غطوا 24/7 احتجاجات معينة عام 2011؟!
أحد التقديرات أنه تم التشديد على كل احتجاج ثوري لاح في نهايته احتمال استغلاله وسرقته لخدمة قوى معينة، خصوصا قوى تسييس الدين المرتبطة بقوّة مع أنظمة الرجعية العربية التي تعمل بدورها خدمًا لواشنطن وسياساتها.. لذلك، فإن الصمت هنا والزعيق هناك – دون التزام في الحالتين طبعا بمفاهيم العدالة ولا الثورية! - يزيد من كشف النفاق البشع، ويؤكد ضرورة إبراز كل احتجاج ورفع لوائه، وفي الوقت نفسه اعتماد الحذر من أن تسرقه عصابات البترودولار العربية المتنفذة ووكلائها!