استفزاز جديد تواجهه الجماهير العربية واهالي مدينة ام الفحم والقوى الدمقراطية التقدمية اليهودية في هذا اليوم الاثنين، الخامس عشر من شهر كانون الاول الجاري الفين وثمانية. استفزاز تفوح منه رائحة العنصرية النتنة المعادية للوجود العربي الفلسطيني في وطن آبائه واجداده المستباح. فأيتام الكهانية الفاشية العنصرية من الفاشي مارزيل وعصابته العنصرية الفاشية وبقرار وتغطية من المحكمة العليا ومن سلطة القهر القومي يقومون هذا الصباح بمحاولة تدنيس ارض ام الفحم والاستفزاز بدخولها تحت يافطة "حرية الرأي والتجول الحر في مختلف مناطق الوطن"!! واهالي ام الفحم والقوى المتضامنة معها من مختلف مدننا وقرانا العربية والقوى التقدمية اليهودية الذين افشلوا في الماضي استفزاز كهانا وزمرته ومنعوهم من دخول ام الفحم، فهم اليوم وبحكمة اصحاب الحق سيفشلون استفزاز الفاشيين العنصريين.
ان قرار المحكمة العليا بالسماح وشرعنة دخول اوباش الفاشية العنصرية تحت ستار اليافطة الديماغوغية "حرية الرأي" لم يأت من فراغ، بل جاء في خضم اجواء الزحف الكارثي لمخاطر الفاشية العنصرية على مختلف المستويات والصعد والتي تهدد انيابها المفترسة العدوانية المنهجية العرب – اهل البلاد الاصليين، حقوقهم ووجودهم، كما تهدد الحياة الدمقراطية وجميع القوى المناهضة للبلطجة العدوانية الفاشية في البلاد.
ان ما يثير القلق فعلا هو هذا الجنوح الملحوظ والخطير للخارطة السياسية – الحزبية الصهيونية نحو اليمين المتطرف والفاشية العنصرية المعادية للعرب وللدمقراطية وللسلام والمساواة والعدالة الاجتماعية. فتوازن القوى السياسية – الحزبية في الحلبة الصهيونية الذي يرجح كفة قوى اليمين واليمين المتطرف والفاشية العنصرية اصبح يطرح السؤال الخطير، هل تزحف اسرائيل في الانتخابات البرلمانية المقبلة باتجاه اقامة نظام فاشي عنصري اكثر رجعية وعدوانية من جميع حكومات اسرائيل السابقة، واكثر خطرا حتى من حكومة اليمين الكارثية برئاسة جنرال المجازر والاستيطان اريئيل شارون! ونبني توقعاتنا هذه بناء على عدة قواعد وظواهر ترافق مسار التطور والصراع في اسرائيل وفي ظل المنافسة الانتخابية البرلمانية. ومن اهم هذه القواعد والظواهر يمكن ابراز ما يلي:
* اولا: الاحتمال الوارد في الحسبان ان يقود حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو تجمع احزاب اليمين المتطرف والاحزاب الدينية اليهودية اليمينية المتشددة اكثر حكومات اسرائيل رجعية ومعاداة للشعب العربي الفلسطيني وللمواطنين العرب في اسرائيل وللطبقة الكادحة في اسرائيل. فالليكود اليوم اقرب ما يكون من تبني برنامج الفاشي العنصري كهانا. ففي الانتخابات التمهيدية "البرايمريز" داخل الليكود التي جرت قبل اسبوع فازت الكتلة الفاشية العنصرية برئاسة موشيه ميغلين بحوالي ربع الاعضاء المضمونين في قائمة الليكود للكنيست المقبلة. ففيغلين هذا يرى في الوحش النازي ادولف هتلر مثله العالي! كما يعتبر هذا المأفون الفاشي العرب – الشعب العربي الفلسطيني بما فيه الجزء الباقي من هذا الشعب في وطنه من الجنس البشري المنحط!! ويطالب بالترانسفير للعرب من المناطق المحتلة، من الضفة والقطاع وبمصادرة الحقوق المدنية من المواطنين العرب ابناء الاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل، وايادي سوائب الفاشيين العنصريين ملطخة بدماء الجرائم التي ارتكبوها ويرتكبونها ضد الشعب العربي الفلسطيني في المناطق المحتلة. وقد تحولت المستوطنات الكولونيالية الى اوكار للفاشية العنصرية العدوانية المسلحة المحمية بتغطية ودعم قوات الاحتلال الاسرائيلي. واخطر ما في هذه الظاهرة ان اطرافها الاخطبوطية اصبحت منتشرة بين الجماهير اليهودية، التي في ظل الازمة الاقتصادية وصعوبة الحياة المعيشية، في ظل الازمة السياسية وتصعيد العداء والعدوان ضد الشعب العربي الفلسطيني اصبحت فريسة التضليل الفاشي المعادي للعرب، فتنظيم الاعتداء بمساندة المستوطنين ضد اهالي عكا العرب كان مؤشر خطر فاشي عنصري يهدد بنسف جميع جسور التعايش اليهودي – العربي، كما ان تصعيد الدعوة العنصرية الفاشية لترحيل وطرد العرب وعدم تأجيرهم المنازل في نتسيرت عيليت وكرميئيل اللتين اقيمتا على الاراضي العربية المنهوبة من قرى الشاغور ومن الناصرة وعين ماهل والرينة وكفر كنا وغيرها.
فإضافة الى الكتلة الفاشية الفيغلينية في الليكود فان نتنياهو نفسه عنصري ومعاد للفلسطينيين وللمواطنين العرب في اسرائيل، وهو يعتبر المواطنين العرب في اسرائيل اكبر خطر امني يواجه اسرائيل، وازالة هذا الخطر يعني الترانسفير وبالانتقاص من الحقوق السياسية المدنية للعرب في اسرائيل على اقل تقدير. كما ان بنيامين نتنياهو البندوق الشرعي للاقتصادي الامريكي ميلتون فريدمان صاحب نظرية ونهج النيوليبرالية – اقتصاد السوق الحر، الذي مارسه نتنياهو عندما كان رئيسا للوزارة، ووزيرا للمالية وأدى الى تعميق فجوات التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء حيث انتشرت البطالة والفقر، وفي ظل الازمة المالية الاقتصادية، الحالية من المنتظر اذا تسلم نتنياهو رئاسة الحكومة ان يرتفع عدد الفقراء في اسرائيل من مليون وستمئة واربعين الف فقير الى حوالي مليوني فقير وزيادة عدد المعطلين عن العمل في العام الفين وتسعة بأكثر من مئة الف معطل جديد عن العمل.
ومن المرجح ان يكون في عصب حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو احزاب الاستيطان والفاشية العنصرية من قواريط ارض اسرائيل الكبرى، امثال "يسرائيل بيتينو" برئاسة الفاشي افيغدور ليبرمان و"هئيحود هلئومي" و"المفدال" و"شاس" و"احدوت هتوراة". ولا نستبعد ان يهرول رئيس حزب "العمل" ايهود براك الى ائتلاف قوى اليمين المتطرف والفاشية العنصرية التي لا تختلف مواقفه اليمينية ضد الشعب العربي الفلسطيني عنهم.
* ثانيا: كاديما "الى الوراء نحو اليمين المتطرف در": ان مختلف استطلاعات الرأي العام تشير الى ان حزب كاديما – ايتام اريئيل شارون الخارجين من حزب الليكود – سينخفض تمثيلهم في الكنيست المقبلة بسبب تفاقم الازمة السياسية والاقتصادي الاجتماعية والاخلاقية في عهدهم والتي يستغلها ليكود نتنياهو بشكل ديماغوغي سافر. وكاديما يحاول منافسة الليكود باظهار انه ليس اقل يمينية من الليكود في الموقف من القضايا الجوهرية، خاصة من الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني ومن حق الوجود والمساواة الكاملة للمواطنين العرب في اسرائيل ومن خدمة مصالح الرأسمال الكبير والمتوسط الاسرائيلي والاجنبي وضد مصالح الكادحين والفقراء من الطبقات الاجتماعية المسحوقة، فرئيسة الحزب ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني وبصفتها رئيسة الطاقم الاسرائيلي المفاوضات الحل الدائم مع الفلسطينيين، قد "نجحت" في ادارة وجرجرة مفاوضات "طحن الماء" دون اية نتيجة وتمارس حكومتها سياسة تمزيق وحدة الصف الوطنية والاقليمية للشعب الفلسطيني وارضه المحتلة بفرض حصار اجرامي اقتصادي وتجويعي على قطاع غزة والتنكر لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال الوطني ومواصلة عمليات الاستيطان الكولونيالي.
وابان المفاوضات مع الطرف الفلسطيني حاولت ليفني وحكومتها املاء موقف اعتراف الفلسطينيين بان اسرائيل هي "دولة اليهود" التي رفضها الفلسطينيون واكدنا نحن بدورنا ان مدلول هذا الاملاء الصهيوني الاسرائيلي السياسي هو شرعنة التنكر لحق العودة للاجئين الفلسطينيين وشرعنة الترانسفير لترحيل المواطنين العرب من ارض وطنهم الذي لا وطن لهم غيره. وقبل ايام معدودة وفي اطار المزاودة مع الليكود صرحت تسيبي ليفني انه اذا تحقق السلام مع الفلسطينيين فان العرب في اسرائيل عليهم ان يجسدوا حقوقهم القومية خارج دولة اسرائيل!! انه تصريح ترانسفيري عنصري معاد للحقوق القومية والمدنية للاقلية الفلسطينية التي اصبح تعدادها ما يقارب المليون ونصف مليون نسمة والتي لم تستطع عواصف التآمر الصهيوني – الامبريالي وتواطؤ بعض الانظمة الرجعية العربية قلعهم من وطنهم حتى عندما كانوا مثل الايتام على مائدة اللئام في سنوات ما بعد النكبة، واليوم نؤكد للفني ولجميع الترانسفيريين ان جذورنا في ارض وطننا اعمق من جذور زيتون فلسطين وصبارها، ولن تنجح جميع اعاصير التآمر زحزحتنا من ارض وطننا.
بدون شك، اذ تبلور شكل من اشكال النظام الفاشي العنصري في اسرائيل فان مدلولاته السياسية والاجتماعية ستكون كارثية وفي مركزها ترجيح كفة مغامرة حربية اقليمية، اجتياح اجرامي للمناطق الفلسطينية المحتلة، تصعيد العدوان ضد الجماهير العربية وحقوقها المدنية والقومية..
ونحن نؤكد هذه الامور ليس بهدف دب الرعب في القلوب، بل بهدف رص الصفوف الكفاحية اليهودية والعربية لمواجهة ما هو آت. والامكانيات متوفرة لبلورة قوة صدامية مكافحة لها وزنها النوعي والكمي لمواجهة الزحف الفاشي العنصري. وقد ذكرت في معالجة سابقة حول اهمية التحالفات الكفاحية لمواجهة عربدة الزحف اليميني العدواني، فالجماهير العربية كانت دائما وبفضل كفاح وقيادة الشيوعيين والوطنيين المخلصين قوة دمقراطية لها وزنها المؤثر على الحلبة السياسية. واليوم، وحسب الانتخابات التمهيدية في الاحزاب الصهيونية لا يوجد أي عربي في مكان مضمون في قوائم هذه الاحزاب، ومصلحة المعركة في مواجهة الفاشية العنصرية الزاحفة تقوية وزيادة تمثيل القوة الصدامية الاساسية في مواجهة الفاشية، زيادة التمثيل الجبهوي، وحيث ان المعركة الانتخابية الحالية اكثر مصيرية من سابقتها وتستدعي مواجهة انياب اليمين المتطرف فان المصلحة العليا للجماهير العربية ولمناهضي الفاشية العنصرية اللجوء الى حوار جدي لبلورة تحالفات كفاحية – تحالف عربي – يهودي في مركزه الجبهة والحزب الشيوعي ومختلف القوى العلمانية الوطنية والتقدمية العربية واليهودية من التجمع والقائمة العربية للتغيير ومنظمات اجتماعية وسلاماية وبيئية يهودية تحالف سياسي وفق برنامج كفاحي وليس تحالفا انتهازي برنامجه الكرسيلوجيا وعدد النواب.
الصورة (من الارشيف): جبهة أم الفحم تتظاهرضد مارزيل وبن غفير وزمرتهما قبل عدة اشهر