إن المعركة التي يخوضها شعبنا العربي الفلسطيني هي معركة تحررية وانسانية ووطنية من الدرجة الاولى، ومعروف تاريخيا ان من واجب ومن حق كل شعب يرزح تحت الاحتلال ان يقاوم هذا الاحتلال بكل الاساليب التي يراها مناسبة من اجل كنسه عن اراضيه ومن اجل حقه في الاستقلال والحياة الحرة الكريمة.
كما ان هذا الشعب الذي بدأت مأساته منذ اكثر من قرن من الزمن ومنذ ذلك الوقت والثالوث الدنس، الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية تتآمر عليه ليل نهار من اجل تركيعه واذلاله، كيف يمكن لهذا الشعب الجبار ان يقبل احتلال اراضيه مهما لاقى من صعوبات وارهاب وقهر من مثل هذه القوى المجرمة بحقه.
وان الشعب الذي هُجّر من وطنه وتسلب ارضه يوميا امام عينيه وتعمل السلطات الاسرائيلية بكل الوسائل من اجل التضييق عليه حتى لا يتمكن من ايجاد ارض للبناء والتطور ومن اجل مستقبل ابنائه وحقهم في بناء بيوتهم والعيش فيها بكرامة، كيف يمكن لشعب من هذا النوع ان يهدأ ويستكين بدون ان يواجه المحتلين والمتآمرين عليه، ولذلك من الطبيعي ان يخلق حركات مقاومة للاحتلال وفي الواقع قد اقام عددا من فصائل المقاومة الفلسطينية ومن بين هذه الفصائل حركة حماس.
ان حكام اسرائيل والولايات المتحدة يركزون هجومهم على حركة حماس، مع ان هذه الحركة في المراحل الاولى للاحتلال في سنة 1967 لم تقم بأي عمل ضد الاحتلال حتى سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، لأنهم في المراحل الاولى كانوا يرون بالهزيمة التي لحقت بالجيش المصري "لم تكن الا ثأرا لسيد قطب"، هذه كانت قناعاتهم في تلك المرحلة.
اسرائيل لم تواجه هذه الحركة في تلك الفترة بل كانت تدعم موقفهم ضد منظمة التحرير الفلسطينية مثل المثل القائل "فخار يطبّش بعضه" وهذا عمليا ما حدث في غزة، الامر الذي ادى الى الانقسام والعداء بين فتح وحماس كذلك ادى الى ضرر كبير في وحدة النضال الفلسطيني ضد الاحتلال وموبقاته، وشعبنا ما زال يعاني من هذا الانقسام والمستفيد الوحيد من هذا الشرخ المؤلم الذي حدث بين ابناء الشعب الواحد هو اسرائيل والقوى المعادية لشعبنا.
اننا نرى في هذه المرحلة حيث استطاع حكام اسرائيل وبدعم من امريكا والانظمة الرجعية العربية من وضع حماس على قائمة الارهاب، وكل هذا من اجل استغلاله عالميا ضد شعبنا العربي الفلسطيني واظهار شعبنا كإرهابي وليس مقاوما للاحتلال. ان الحقيقة اليوم هي ان حركة حماس هي حركة مقاومة فلسطينية ضد الاحتلال مع انني لا اتفق لا فكريا ولا سياسيا مع حماس الا ان وضعها في قائمة الارهاب هو ظلم مجحف بحقها وبحق كل منظمات المقاومة التي تقاوم الاحتلال مهما كان نوعه.
والسؤال الذي يجب ان يسأل من هو الذي يمارس الارهاب بالفعل، الشعب المحتلة اراضيه ويمارس يوميا ضده القتل والسجن والاضطهاد وسلب الاراضي، ام الحكام الذين يحتلونه بقوة السلاح؟! ان الامر واضح وضوح الشمس، فالاحتلال سبب كل علة وبزواله تزول الاسباب لوجود حركات مقاومة.
منذ اكثر من شهرين وجماهير غزة العزة تقوم بمسيرات سلمية، وخلال هذه المسيرات حتى الآن سقط اكثر من مئة شهيد واكثر من ثلاثة عشر الف جريح برصاص جنود الاحتلال، وحكومة الاحتلال تحاول ان تسوق للعالم بدعايتها ان هؤلاء هم من حركة حماس، لكنهم لا يفهمون ان هؤلاء هم ضحايا ابناء الشعب الفلسطيني الواحد والموحد في وجه الاحتلال.
امام هذا الواقع المأساوي ومن اجل وقف نزيف الدم الفلسطيني قدمت دولة الكويت اقتراحا للبحث في مجلس الامن الدولي لحماية الشعب الفلسطيني الذي يقتل يوميا، وها هي امريكا تُفشل مثل هذا الاقتراح الانساني والواقعي، وها هي امريكا نفسها بعد سقوط عدد من الصواريخ من قطاع غزة على الاراضي الاسرائيلية مع انها لم تصب احدا الا ان امريكا اسرعت في طرح اقتراح في مجلس الامن من اجل ادانة الفلسطينيين وحماية المحتل الاسرائيلي.
خلال هذا البحث الذي طرحته المندوبة الامريكية في مجلس الامن والتي اسمها "عيب" وهي لا تعرف العيب ابدا تقول وبكل وقاحة في كلمتها "ان الهجوم الارهابي المخيف يؤكد ما نقوله نحن كل الوقت – ان الهدف لحماس هو ابادة اسرائيل" مع انها تعترف في كلمتها ايضا ان هذه القذائف لم تصب احدا داخل اسرائيل، وهي تركز في كلمتها على حماس.
اننا نرى بكل وضوح الانحياز الكامل الى جانب المعتدي الاسرائيلي وعمليا رأينا هذا في الموقف الامريكي كيف كانت وحيدة ومعزولة في مجلس الامن الدولي عندما لم يصوت الى جانبها أي دولة. والله يا جماعة انه نحن الناس العاديين من زمان نعرف وندرك هذا الانحياز الظالم ضد شعبنا ولكن الحكام العرب المساقين قدام امريكا مثل "بغل الحنانة" وفي الوقت نفسه يغدقون عليها المليارات من الدولارات لا تريد ان ترى هذا الواقع وأيضا تصب "البنزين على النار" من اجل الاسهام اكثر واكثر في زيادة مآسي شعبنا، وبالرغم من هذه المواقف المخزية والمعيبة لحكام السعودية ودول الخليج نرى عندنا من يدافع عنهم "آه يا زمن"، وكما يقول المثل "اللي بوكل من خبز السلطان يضرب بسيفه" والكل يعرف، والذي آلمني اكثر ان البعض من زعماء هذه الدول المجرورة يكتبون على صفحاتهم في "الفيس بوك" دفاعا عن حكام اسرائيل وأحدهم يطلب من ربه "من اجل انتصار اسرائيل على اعدائها" ولكو يا .... يجب ان تعرفوا ان لاسرائيل لا يوجد اعداء بل هم يخلقون الاعداء لانفسهم واكبر اعداء لاسرائيل هم في الواقع حكامها الحاليون لأنهم لا يريدون الاعتراف في الواقع انهم يحتلون ارض شعب آخر ومن الافضل لشعبي هذه البلاد هو الاعتراف بحق الشعب الآخر بحقه في الاستقلال واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، عندها يمكن ان تنعم هذه البلاد وهذه المنطقة بالسلام والأمن.
(عرابة البطوف)