من هرقتها وخوفها على زوجها الذي وصلت درجة حرارة جسمه الى اربعين درجة وشحطة احضرت له الطبيب البيطري، جقرها بنظرة لو كانت دجاجة لربخت مكانها من خوفها. قال للدكتور غلبناك، نعْوص كلبنا طيلة الليل فكرناه تضامن مع غضبنا ومرض بالسهال، اسقيناه شاي مع ليمون فتحسن وضعه، زوجتي لم تقتنع وارادت ان تطمئن اكثر، شكرا لك!! ما ان خرج الطبيب ودخلت مكانه حتى فرط "ابو محمود" من الضحك وقال لي "بنت حنيفة فكرتني بهيم او جرو وراحت جابت لي دكتور بيطري ليعالج ارتفاع حرارتي، الله يسامحك يا ام محمود. يا جارنا بطلت اقدر اتحمل مناظر القتل والتدمير، الاشلاء المتناثرة، الرؤوس والارجل المقطوعة والدماء النازفة من الاطفال والنساء والبيوت المهدومة في غزة وجباليا وباقي المدن والمخيمات في القطاع. ايام النكبة ريحت ضميري الوطني وحاربت مع الثوار قوات الصهيونية والانجليز. اليوم انا عاجز، افرج عن صدري المحقون الما وغضبا بالصراخ ضد المجرمين في مظاهراتكم، خائف يا جارنا على قناعاتي من الاهتزاز، لست عضوا منظما في حزبكم، ولكن المنطق الذي تتحدثون به يقنع اللي عمره ما اقتنع. اذكر قبل خمس سنوات استمعت الى محاضرة انت قدمتها في "دار الصداقة" حول العلاقة بين الوجود والتعايش، وانها علاقة مترابطة وجدلية ولم افهم يومها كلمة جدلية الا بعد ان فسرها لي رفيقكم "ابو باسيلا" واقنعتنا يومها ان الاممية الصادقة اعلى درجات الوطنية الصادقة وان النضال من اجل التعايش القائم على المساواة في الحقوق القومية والمدنية بين اليهود والعرب في بلادنا عامل اساسي وهام جدا في نضالنا دفاعا عن وجودنا وحق بقائنا في وطننا الذي لا وطن لنا غيره. اقنعتنا بأهمية الكفاح اليهودي – العربي المشترك دفاعا عن الوجود وعن التعايش الحقيقي. افكر كثيرا هذه الايام يا جارنا، فالصهيونية بمختلف تياراتها لم تغير جوهرها ولا مدلولها السياسي والاجتماعي كحركة عنصرية عدوانية معادية للانسانية وحليفة قوى الشر والعدوان والرجعية في كل مكان. وجرائم الصهيونية في حرب الابادة ضد شعبنا في غزة والمناطق المحتلة ومخططاتهم الترانسفيرية ضد جماهيرنا العربية تؤكد انهم لا يريدون وجودنا ولا بناء جسور التعايش القائم على المساواة والاحترام المتبادل معنا، يريدون تعايش الذئب مع الحمل، الجزار مع الضحية، وطز على هيك تعايش.
عندما ولد ابنك محمد قبل ستة وعشرين عاما تمنيت ان يتعلم وابن صديقك دورون فلنر في احدى جامعات الدولة الفلسطينية المستقلة وان تكون قطعان الفاشية العنصرية في خبر كان. قلت: صحيح ان جرائم وحوش البشر ضد شعبنا وجماهيرنا لا تحتمل، ولكن تاريخ جميع الشعوب المناضلة ضد المستعمرين والطغاة يؤكد "ان حكم ضل ما ظل" وان النصر حليف درب المكافحين، اليأس يقتل القوة على المقاومة، اطرد جنرال اليأس من عقلك وقلبك يا ابا محمود، انظر الى الابطال الذين يسبحون ضد التيار من القوى التقدمية والدمقراطية اليهودية من الشيوعيين والجبهويين وغيرهم الذين يشاركون في المعترك الكفاحي ضد جرائم العدوان الاسرائيلي على شعبنا وجماهيرنا، انظر الى الشباب الابطال الذين يرفضون الخدمة العسكرية في حرب الابادة على غزة.. صحيح يا ابا محمود "طز على هيك تعايش" كما اراده الفاشيون العنصريون في عدوانهم على عرب عكا، ولكن نعم لتصعيد كفاحنا اليهودي – العربي من اجل تعايش قائم على المساواة وعلى ترسيخ وجودنا وهزيمة ذئاب العنصرية والترانسفير. وصباح الخير لجميع من يعي ان نضالنا يستحق الحياة والتطور.