news

على رقعة الشطرنج السياسيّة: على الأسود أن يبدأ

على اثر انتخاب اوباما رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، توخّى العديد من الطوباويين خيرًا بانتخابه لا لشيء يذكر إلا لسواد بشرته، وبنوا في مخيّلتهم أسطورة لاسبارتاكوس اسود، محرّر عبيد القرن الواحد والعشرين، حامل لواء الحريّة والسلام والعدل السياسي والاجتماعي والبيئي والجندري والعرقي...
يا لاعب الشطرنج، أفكّرت يومًا لما يبدأ الأبيض دومًا الخطوة الأولى؟ الطامة الكبرى هي أننا لا ننتبه وذوّتنا قانون وضعي على انه قانون طبيعي.
تلقّت الناس نبأ انتخاب اوباما تمامًا كما خُطّط لهم مسبقًا في اوليمبوس هندسة الإدراك والوعي، أليس متوقّعًا...؟ بلى. ولكن ماذا عن قادة اليسار، ووعي وإدراك اليسار؟ أيعقل أن يربط هواة السياسيين من قادة اليسار في العالم اسم اوباما باسم المناضل الأمريكي الثائر مارتن لوثر كينج، الذي قاد كفاح السود والبيض ضد التمييز العرقي والفصل العنصري في مونتجمري بداية، عام 1955، ليتشعّب إلى أرجاء الولايات المتّحدة، حتّى اغتياله عام 1968، ليلتحق بقافلة الرموز الثوريّة التقدميّة في العالم.
إن القوى التي توصل حاكمًا إلى السلطة لها استحقاقاتها غير المؤجّلة، لأنها توصل لحظة وصوله آليّة اتخاذ القرار، ولم يسعف السود في الولايات المتحدة ولا المعذّبون في الأرض لون بشرة وزيرة الخارجيّة، بالإمكان قول السابقة، كوندوليزا رايس، ولا الأسبق كولن باول، إن من أوصل اوباما إلى سدّة الحكم في معقل ما بعد أعلى مراحل الرأسماليّة، ليست إلا القوى الأكثر رجعيّة على وجه البسيطة، رغم الفوارق غير المنكرة بين من يتداول على بطشنا من حزب جمهوري إلى حزب ديمقراطي.
لا يعيّرنّنا احد أننا أخطأنا التقييم إذ ما سحب اوباما جحافل عسكره من بغداد الرشيد، فسوف يسحب عسكره إن عاجلا أم آجلا تحت ضربات المقاومة العراقيّة الباسلة، كما جرجر نيكسون من قبله ذيل عسكره من فيتنام، ولا يعتقدنّ احد أن اوباما أصبح اشتراكيّا إذ ما أولى اهتمامه للقضايا الاجتماعيّة الداخليًة، فما هي إلا مسكّنات لمواطني دولته ذوي الدخل المحدود اثر الهزّات الاقتصاديّة التي هزّت أركان بورصته والاقتصاد العالمي، لينقضّ عليهم مجدّدًا لاحقًا.
اوباما نتاج القوى الاقتصاديّة والسياسيّة التي أنتجته أسطورةً، وسيبقى عبدًا بأغلالها، ليس لسواد بشرته، وإنما تمامًا كما كان كلينتون وبوش الأب والابن، وعنوان المقال خاطئ عمدًا، فليس يهم من يبدأ الخطوة الأولى على رقعة الشطرنج، السؤال في خدمة من؟