مصطلح "الالينة" يعني الاغتراب عن الذات، ويعرف بانه ظاهرة فردية واجتماعية يشار بها الى انسلاب الكائن الانساني عن جوهره واصالته تحت تأثير انظمة سياسية واجتماعية فاسدة تستبد بالمواطن من جميع الوجوه فتغربه عن ذاته، أي تخرجه من طور مبدئي من الفرح والسعادة، الى طور آخر من الحزن والتوتر والخوف والقلق والانسحاق.
واقع مأساوي وجحيمي، وهو ليس غريبا عنا في هذا الزمن الوباء، زمن يواجه فيه الانسان العربي حربا تطغى عليها النزعة الانتقامية ونزعة الاستغلال، وهو محاصر بين نارين كاويتين – نار القوى الاستعمارية الكبرى، الموجودة في حالة دائمة من "انفتاح الشهية" وتأجج "شبق الشهوة" لتواصل انقضاضها على "طريدتها" العربية السمينة، التي تتمتع بثروة "الذهب الاسود" وتشكل جغرافيتها موقعا استراتيجيا شديد الاهمية – مما سيبقيها تعمل بكل ما اوتيت من لؤم وحقد على ابقائنا خارج العصر.
اما النار "التوأم" التي تحاصر انساننا، فهي، ويا للاسف وللعار، نار انظمة عربية قبلت، راضية ان تتحول الى "جهاز تنفيذي" من اجهزة هذه القوى المعادية!!
ويظل السؤال الملح قارئاتي قرائي الكرام، هل نستكين الى هذا الواقع اليباب، ونرضى به "حظا ونصيبا"؟! ام نسعى الى خلاص يعيد لنا "فردوسنا" الضائع؟!!
وحيث انني اعرف مسبقا ردكم التلقائي والعفوي، سارع واقول بان الخلاص يجب ان يبدأ "بمعركة" تحرير الانسان العربي من عقدة "الفوبيا" – لان التحرر من الخوف يوازي التحرر من الجهل، وفي هذا ولادة اخرى لانسانية جديدة!! ثم لا بد ان نعقب ذلك، بانتاج "الفكر" والمعنى الثقافي – اللذين يعيناننا على فهم معمق للواقع الراهن. اما "ثالثة الاثافي" فتتبدى، بعدم الانكفاء على موروثنا السلفي وتقديسه، بل بالسير مع الماضي مستخرجين جوانبه المضيئة والعقلانية والجمالية.. بمعنى ان نتعامل مع الماضي الذي ينظر الى المستقبل، لا الماضي المنغلق على نفسه كالقبر.. ثم نقوم بوضع النظم التربوية والتعليمية العصرية، وبناء مؤسسات المجتمع المدني بالمعنى الحقيقي للكلمة، ونبلور حوارا متكافئا مع الثقافات الاخرى.
وصباح خير الولادة الاخرى، يا اخي العربي، ايان كنت، ولادة، اذا اعلنتها، ستصل بك الى الارتقاء وبلوغ المستحيل، مرددا، مع الشاعر رامبو وبأعلى صوت: حقا، الشرق مقر الشروق وموطن البدايات..