ما زالت المذبحة الدموية بحق شعبنا الفلسطيني متواصلة منذ اثني عشر يوما، الطائرات تلقي حممها تحصد أرواح المواطنين، صورايخها تمزق أجساد الأطفال والنساء والشيوخ وتحولها إلى
أشلاء متناثرة، مئات الشهداء يسقطون يوميا والآلاف من الجرحى يتكدسون في الممرات وأروقة المستشفيات بعد أن غدت الأسرة غير قادرة على الإيفاء بالغرض والأطقم الطبية تقف عاجزة أمام التدفق الكثيف للمصابين وخطورة إصاباتهم بالإضافة لنقصان الأدوية والعقاقير الطبية من المستشفيات ،الآلاف من المواطنين يصطفون بطوابير طويلة أمام المخابز بحثا عن لقمة خبز لأطفالهم،وغزة تغرق في الظلام بعد انقطاع التيار الكهربائي والعائلات كلها تبحث عن وسائل بدائية لإعداد الطعام بعد أن فقد غاز الطهي من البيوت، مأساة إنسانية تحيق بمليون ونصف مواطن فلسطيني يعيشون ككتل من اللحم في قطاع غزة، ورغم هذه المأساة ما زالت آلة العدوان تطحن رؤوس الأبرياء في الشوارع والأزقة والبيوت وتلاحقهم في المدارس التي يلجأون اليها تحت علم الأمم المتحدة ـ كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع العالم اجمع ـ فقط المسيرات والتظاهرات الشعبية انطلقت في شوارع العواصم العربية والعالم رفضا واستنكارا لجريمة القرن الواحد والعشرين، أما النظام الرسمي فما زال غارقا في بحر الصمت يقف عاجزا أمام غطرسة إسرائيل ودمويتها ، أمام هذه المجازر يتواصل الحراك السياسي ببطء شديد على أمل الوصول لاتفاق يضمن وقف العدوان ولكن حتى الآن لا يبدو أن مثل هذا الأمر قريب المنال، مجلس الأمن الدولي المناط به مهمة حفظ الأمن والسلام العالمي يؤكد عجزه وها هو يفشل مرة أخرى في اتخاذ قرار يلجم العدوان بفعل الانحياز الأمريكي السافر لإسرائيل،التحرك المصري الفرنسي الذي أنتج مؤخرا مبادرة حظيت بموافقة أطراف دولية فاعله وما زالت قيد دراسة الأطراف المعنية ،هذه المبادرة يمكن اعتبارها خطوة بالاتجاه الصحيح كونها تنطلق من ضرورة وقف النار وتحقق وقف العدوان على شعبنا لكنها تحتاج بدون شك لاستكمال بما يضمن وقفا شاملا للعدوان الإسرائيلي وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل فوري من قطاع غزة ورفع الحصار عن شعبنا الفلسطيني وفتح المعابر، ومن ثم البحث في إمكانية الوصول لتهدئة شاملة ومتزامنة تقطع الطريق على استمرار إسرائيل شن عدوانها على شعبنا ساعة تشاء، إن هذا الأمر يبدو صعبا في ظل التعنت والغطرسة الإسرائيلية على أقله خلال الأيام القلية القادمة، لذلك نعتقد أن هذا العدوان سيزداد شراسة ودموية على شعبنا ويخشى أن تذهب إسرائيل إلى ابعد مما هو معلن حاليا وتذهب باتجاه خلق واقع ديمغرافي جديد يدفع باتجاه الحل الإقليمي والخيار الأردني وفقا لما دعا له مؤخرا المندوب الأمريكي السابق في مجلس الأمن جون بلوتن ، لذلك نقول مرة
أخرى أن الخطر الداهم على شعبنا الفلسطيني سيتواصل بوتائر متصاعدة في مسعى محموم لتحقيق أهداف عدة يقف على رأسها التهرب من استحقاق إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأمام ذلك فان المهمة المباشرة التي علينا جمعيا التصدي لها تتمثل في التصدي للعدوان ومنعه من تحقيق أهدافه وما يتطلبه ذلك من تعزيز الوحدة الميدانية التي يكرسها شعبنا في التصدي لهذا العدوان الغاشم ومواجهته ببسالة والعمل على تعزيز الجبهة الداخلية وتفويت الفرصة على أي محاولة للعبث بالوضع الداخلي الفلسطيني، وترجمة ذلك بوحدة وطنية لا غبار عليها في الموقف السياسي والضغط من اجل وقف العدوان فورا وانسحاب جيش الاحتلال من الأراضي التي احتلها في عدوانه على القطاع ورقع الحصار عن شعبنا وفتح جميع المعابر بما فيها معبر رفح وفق صيغة تحفظ وحدة الوطن والشعب، والمطالبة بنشر قوات حماية دولية لشعبنا من جرائم الاحتلال في الضفة وغزة على حد سواء .