news

المساواة في الإعفاء من التجنيد وليس في تقاسم العبء


نقاش «تجنيد الحريديين» يمثل مصدر ازعاج. مرة تلو الاخرى يعود إلى الحياة من بين الرماد. ومرة تلو الاخرى يزعج راحة الائتلافات. في الحقيقة هذا غير مدهش. مع قليل من التبسيط الرياضي يمكن القول إن هذا النقاش يحاول ايجاد اجابة لسؤال بسيط جدا: تجنيد الحريديين -  نعم أو لا؟ الحريديون يقولون «لا» قاطعة وواضحة وخطية. وغير الحريديين يقعون في الشرك الائتلافي – الشعبوي، ويحاولون الاجابة تقريبا هكذا: «اذا كان 25 في المئة سيتجندون خلال ثلاث سنوات، على الاقل 1250 معجزة لكل مدرسة فيها اكثر من 70 طالبا متدينا، ستزيد المخصصات بـ 78 في المئة خلال 30 شهرا، ضرب 27 في المئة من مجموع كل المدارس، التي تضم أكثر من 160 من الذين يجب تجنيدهم، وتعهد بالوصول الى ثلث حصة الدارسين خلال ست سنوات فما فوق».
الحريديون يصغون بأدب ويقولون: «العلمانيون لا ييأسون ويعودون الى البحث عن مخرج من الارقام التي لا يتنازلون عنها».
يمكننا أن نفهم وحتى أن نحترم موقف الحريديين. فهو ينبع من نظرتهم الاساسية للدولة، نظرة موضوعية وباردة وتجارية، تقريبا – علمانية. بالنسبة لهم «الدولة هي خليط بين آلة قمامة وحارس ليلي وصندوق مرضى وغيرها»، كل ما يريده اليهودي. وفي المقابل هم يضعون في خدمة ادارة الدولة معظم الاصابع الائتلافية. ولكن ينضم الى هذه ايضا تهديد بسيط: اذا اعطيتم اخذتم، واذا لم تعطوا فستذهب الاصابع الى بنك آخر.
هكذا بالضبط يجب التعامل مع الدولة. بدون هراء القداسة. بدون هراءات سماوية، بدون احمال من القش عن تنفيذ مهمات إلهية وجلب الخلاص الكامل.
هذا بالمناسبة احد التناقضات الاكثر اهمية بالنسبة لدولة اسرائيل: «العلمانيون ينظرون الى الدولة بخوف مقدس ديني». «الحريديون ينظرون اليها نظرة علمانية». من هذه المقاربة الباردة تأتي المقاربة الحريدية لموضوع التجنيد. وهذه ايضا يمكن فهمها واحترامها لان أي شخص عاقل كان سيوافق على أنه مقابل القرض أو حتى الهبة سيطلب منه البنك بعض احفاده (بما في ذلك الحق في تعريض حياتهم للخطر)؟ أليست هذه صفقة شريرة وغبية؟ والحريديون بأحقية كبيرة يقولون «لا! نحن ليس أبونا ابراهيم، أولادنا ليسوا اسحق والبنك ليس هو الله». هل حقا يصعب فهمهم؟.
للحقيقة، الآباء الآخرون يصعب فهمهم. لماذا بربكم سيوافقون على صفقة كهذه؟ لماذا يواصلون شراء هراء «بوتقة الصهر»، «جيش الشعب»، «الحق في الخدمة» وقداسته المرفوضة؟ لماذا لا يطالبون ايضا لأولادهم بأن يعطى الاعفاء من الخدمة؟
الجيش سبق له أن اشار الى أنه يمكنه أن يتدبر امره من غير المجندين إجباريا. معظم مهامه العسكرية بالاساس ينفذها الجيش النظامي الدائم. لمجندي التجنيد الاجباري لم يبق تقريبا سوى مهام سهلة. لقد حان الوقت، اذاً، لاعفاء الجيش من المهام «التربوية» التي فرضت عليه. وتحريره من ضرورة أن يطبع على المزيد من المتجندين الشباب ختم الانضباط والانغلاق والعنف وقسوة القلب الضرورية لتنفيذ مهام الخدمة العسكرية. أن يتم جعله مهنيا تماما. الجيش حينها لن يكون أقل نجاعة، والمجتمع الاسرائيلي بالتأكيد سيخرج رابحا.
حق عدم التجنيد يعود لكل مواطن اسرائيلي وليس فقط للجمهور الحريدي. والعبء العسكري كما هو ساري في دول سليمة، يتحمله الذين يرون بالتجند مهنة. اولئك الذين يختارهم الجيش ويعيلهم باحترام وسخاء براتب جنديتهم المهنية.
الشعار الذي يجب الدفاع عنه هو بناء على ذلك «مساواة في الاعفاء وليس مساواة في العبء».
(عن «هآرتس»)