فجأة يعلن مصدر أمني إسرائيلي أن "حماس تسعى لمعركة شاملة"، وهذا وسط تحركات معلنة لمبعوثي واشنطن في المنطقة لتسويق ما يسمى "صفقة القرن"، وبعد أسابيع من التقييمات الإسرائيلية الرسمية التي تم تسريبها للمعلقين العسكريين ومفادها: الطرفان (الاحتلال وحماس) لا يسعيان الى التصعيد! وبالتزامن مع تهديد امريكي بإعلان القيادة الفلسطينية (بلغة أرئيل شارون) انها "غير ذات صلة"!
يبدو أن مثل هذا الاعلان الاسرائيلي هو صيغة من صيغ التهديد، الاحتلال هو الذي يهدد بمعركة شاملة لكنها يضعها على أكتاف حماس. لكن الحركة و"سلطتها" في القطاع ليست العنوان الوحيد، بل السلطة الوطنية في رام الله أيضًا؛ هناك بلاغ مفاده أن الأمور في دربها للتصعيد و"الفوضى" طالما استمر الرفض الفلسطيني للاملاءات الأمريكية-الاسرائيلية.
نحن نأمل أن تكون التحركات الأمريكية-الاسرائيلية واضحة الخطورة لجميع قيادات كل الفصائل الفلسطينية؛ ونأمل أيضًا مصارحة الذات والإقرار بأن هذه التحركات تدعمها أيضًا أنظمة عربية لعبت دائما دور "وكلاء أمريكا". لذلك ندعو الى إعادة النظر في تقييم حكومة الوفاق وكأن التصريحات الاسرائيلية والأمريكية عن الدعم العربي "المعتدل" لمشروع واشنطن هو "شائعات وتسريبات كاذبة". كنا نتمنى هذا، ولكن "تؤخذ الدنيا غلابا"..!
في الوقت نفسه نشدد ونشد على أيدي حكومة الوفاق التي أكدت أن "محاولات تجاوز قيادة شعبنا الفلسطيني كان مصيرها الفشل على مر التاريخ المعاصر، ولن تكون المحاولات الأميركية-الإسرائيلية الحالية في هذا الإطار أشدّ تأثيراً من سابقاتها". هذا ما يجب رفع لوائه الآن، ومن المهم الانتباه دائما الى الصورة بأكملها، مع التفهم الكامل للحسابات السياسية والدبلوماسية المختلفة. لكن سيكون خطيرا أن تغطي هذه الحسابات بعضا من الحقيقة: إن التآمر الحاصل الآن على قضية فلسطين ليس امريكيا-اسرائيليا فقط، بل ورجعيا عربيا أيضًا.. هذا ما ساد "على مر التاريخ المعاصر" أيضًا!