في الوقت الذي مازالت جماهير شعبنا الفلسطيني تلملم فيه ما تبقى من أشلاء الشهداء الأطفال والنساء والشيوخ الذين مزقت أجسادهم جنازير الدبابات وصواريخ الطائرات خلال العدوان الهمجي الأخير الذي استمر على قطاع غزة لثلاثة أسابيع متتالية، في هذا الوقت بالذات حيث تفترش الآف الأسر الأرض وتلتحف السماء بعد أن دمر الاحتلال اكثر من عشرين ألف منزل وحول ساكنيها إلى مشردين داخل وطنهم،في هذه اللحظات العصيبة و عيون أبنا شعبنا في الداخل والخارج تتطلع إلى من يزف إليهم بشرى انطلاق الحوار الوطني الفلسطيني كخطوة أولى على طريق إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية بعد أن مزقها الانقسام وبددت قوتهم التفرقة، في ظل كل ذلك طل علينا الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بمفاجأة وقعت كالصاعقة على رؤوس شعبنا الفلسطيني حيث أعلن من الدوحة عاصمة قطر التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية ومنها أقلعت عشرات الطائرات التي حملت مئات الصواريخ والقذائف الفسفورية لجيش الاحتلال الذي استخدمها لشن العدوان على شعبنا وممارسة كل أصناف القتل والبطش بحق أطفاله، من تلك العاصمة المنتفخة أعلن أبا الوليد ما لم يكن يتمناه وينتظره شعبنا منه فبدلا من أن يزف له نبأ النية لبدء الحوار الوطني الشامل والتوجه بخطى حثيثة للوحدة وإنهاء الانقسام جاءت دعوته المؤلمة بإعلان العزم على تشكيل مرجعية فلسطينية لشعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج لتكون بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، هذه الدعوة جاءت في وقت تبذل الجهود لضمان إطلاق الحوار الوطني في اقرب فرصة ويبحث شعبنا بكل فئاته عن ما يوحدنا وينبذ فرقتنا ويعيد وحدتنا فإذا بهذا الدعوة تأتي لتزيد الشرخ وتعمق الانقسام وتنقله إلى مستويات تغور عميقا في الجسد الفلسطيني الدامي وتذهب بهذا الانقسام لتنقه إلى جماهير شعبنا في مواقع الشتات ،ومع هذه الدعوة يبدو انه بات ضروريا التذكير للمرة الألف أن منظمة التحرير الفلسطينية لم تنل صفتها كممثل شرعي ووحيد لشعبنا إلا بعد مسيرة كفاحية شاقة وطويلة سالت فيها أنهار من الدماء قدم شعبنا خلالها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين وقد اكتسبت ذلك بالتفاف شعبنا حولها ونالت اعتراف عربي وعالمي في ظروف عربية ودولية غير متوفرة الآن ولذلك فإن محاولة شطب منظمة التحرير الفلسطينية عبر اختلاق بدائل لها يمثل قفزة في المجهول يقود بداية إلى ضياع الهوية الوطنية الفلسطينية وفقدان الكيانيه الفلسطينية والاعتراف العالمي بشعبنا وحقوقه العادلة وواهم من يضن بناء على شيء من النفخ والتحريض من هنا وهناك أن بإمكانه الحصول على اعتراف جديد يضمن الاعتراف بحق شعبنا في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس وضمان حق عودة اللاجئيين الى ديارهم طبقا للقرار 194 ، فيما لو نجحت المؤامرة وتم تغييب منظمة التحرير الفلسطينية أو تشكيل بديل لها ، إن الرابح الوحيد من هذه الحالة سيكون كل أعداء شعبنا وفي مقدمتهم إسرائيل التي تناصب العداء لشعبنا و لمنظمة التحرير الفلسطينية كونها حركة تحرر وطني نالت اعتراف العالم على هذا الأساس وحققت المزيد من النجاحات لشعبنا على طريق تحقيق أهدافه . إن هذه النجاحات والإنجازات الممزوجة بالدماء والآلام والتضحيات ليست ملكا لأحد ولا يجوز المقامرة بها بأي حال من الأحوال. صحيح أن الأوضاع الحالية للمنظمة لا تبعث عليها والطريق لذلك واضح فهو ليس بالانقلاب على المنظمة وهدمها وتبديد ما حققته إن الطريق إلى ذلك يمر فقط عبر الحوار الوطني الفلسطيني الشامل وفقا لما حددته وثيقة الوفاق الوطني وإعلان القاهرة 2005 وبغير ذلك فإن أي مسلك أخر لن يؤدي إلا لتعميق الانقسام وتكريس الانفصال وضياع التمثيل الفلسطيني المستقل وهو مالا يمكن أن يقبل به او يسمح شعبنا الفلسطيني في الداخل وكافة مواقع الشتات.