رفيقي أبو ناصر ...عرفت ماذا تريد

single

ودعنا أمس الاول، الرفيق النجيب والشخصية الوطنية التقدمية بإمتياز ابو ناصر رئيف ابو عقصة، إبن قرية معليا الأبيه العصية، وأكثر ما كان يميزه انه وطني وتقدمي مميز و"مجهول" وبعيد عن الشهرة المتعارف عليها ، هو ليس بروفسورا ولا دكتورا ولا محاميا ولا محاسبا ولا حتى فنيا ..، ولم يدرك من فنون الدنيا سوى "فن"  الكدح الأصلي والنضال الحقيقي ومعرفة الغث من السمين .. وعلى السليقة . أذكر هذا لا لكي أحط من قدره أو قدر الآخرين أو ارفع من قدر أي كان على حساب آخر ، أو أن يكون عندي نية أو توجه لتسفيه أو ترقية أي ذهنية أو مكانه ، وإنما لأقول ما هو واقع الحال مع هذا الفقيد الغالي ، أول رفيق معلاوي انضم الى صفوف حزبنا الشيوعي  ، والذي بدأ مشواره الوطني التقدمي هذا في سنوات الخمسين ،  متأثرا بالشيوعي المجهول الضيف في حينه في معليا – المرحوم زكي الهندي ... والذي ترك الدنيا بدون ذرية ولا أثر أو إرث سوى ما خلفه في ذهنية رفيقنا المرحوم ابو ناصر  ، وهذا التأثر أعطى ثماره الطيبة عندما كان فقيدنا الغالي في عكا وكان شاهدا مظاهرة لرفاقنا الشيوعيين في السوق ، حيث إنضم للمظاهرة وبادر لربط علاقة مع رفيقنا طيب الذكر رمزي خوري والذي رتب انضمامه لصفوف الحزب ، وهكذا بدأ مشواره الوطني التقدمي ، مع كل ما رافق هذا المشوار من متعة النضال ومقارعة الظلم والظالمين ومرارة المضايقة والضيق التي لحقت هؤلاء الطلائعيين المتحدين للنكبة وأسبابها ومسببيها ، تحدي فيه الإقدام والشموخ والأمل والبطوله وإنارة الظلمة الحالكة ومقارعة المسؤول عنها  الظالم الغاشم  والتي عاشها شعبنا وعمالنا وفلاحينا ، ليفتح هذا النجيب وعن سابق إصرار ومعرفه طريق باقي المناضلين الذين انضموا اليه من الرفاق والأصدقاء والوطنيين في معليا الأبية .
 كتب نزار قباني :
    أنا مركبٌ سكران ...
    يُقلعُ دونَ بُوصلةٍ ...
    ويدخل في بحار الله مُنتحرا ...
    ويجهلُ ما أرادُ  ... وما يريد ...
لا ألوم نزار ولا تعليق على حقه كشاعر .. إن كان في رسم المشهد أو اي أمر آخر متعلق بهذه الأبيات ، إلا أن هذه الأبيات التي تشير الى فقدان البوصلة والضياع ومن خلال : " ويجهل ما اراد ...وما يريد .." ، لا تنطبق على فارسنا ورفيقنا ابو ناصر ، هو كان يعرف ما يريد وبوصلته الطبقية والوطنية ثابتة الإتجاه والمنحى –  الجماهير والكادحين إتجاهها وعنوانها والقطط السمان وأطماعهم ومظالمهم ومؤسساتهم وتنظيماتهم في الإتجاه المعاكس  .. في عالم فيه 3 اغنى الناس والذين ثروتهم أكثر مما تملكه 36 دوله عدد سكانها 600 مليون نسمة، وفيه أكثر من مليار من الناس يعانون من المجاعة، وأكثر من عشرين مليونا مستعبدين جنسيا ، كان رفيقنا يعرف ماذا يريد وفي أي اتجاه عليه تصويب نقمته وغضبه ونضاله ..،  وكان وما زال موقفه هو الصحيح ،  وهذه الأحداث الأخيرة تكشف وتثبت أكثر هذا الصحة ،  خاصة للذين بقي عندهم لخمة الأقاويل الغربية والإسرائيلية عن طبيعة وحقيقة المشروع الصهيوني – الاستعماري المدعوم من الرجعية العربية والعالمية ومحاولة تسويقه وكأنه " الواحة الوحيدة في الشرق الأوسط " و " البلد الديمقراطي" و " المتنور – الحضاري" ، ها هي الجرائم الفظيعة في غزة هاشم الأبية المقاومة الصامدة البطلة ، تكشف وللمرة الألف وأكثر  وكما اكتشف رفيقنا ابو ناصر في سنوات الخمسين أن هذا كذب وافتراء على الحقيقة، هذه الزمرة الصهيونية المنظمة من قبل رأس المال الغربي ومدعومة منه ، هي ضد الوطن والأوطان والمواطنين  وضد الكادحين والفلاحين منهم خاصة ، لا  بل هي مع الظلم والظالمين ومؤسساتهم وبالكامل ،  ولا تستاهل من أي كان سوى النضال ضدها وضد مشاريعها وسياستها وعدوانيتها وجرائمها المثبتة. كان هذا الرفيق الراحل بجسده والباقي بإرثه النضالي  يعرف ماذا يريد ... وفي عالم ، وحسب ما يذكره العلماء ، فقط 3% من الناس فيه يعرفون أهدافهم او ما يريدون ..، ورفيقنا ليس فقط أنه كان يعرف ماذا يريد وأخذ العلم والمعرفة كسلاح فتاك ومطيه ووسيلة لمقارعة الاتجاه المعاكس، وليس عن طريق المدارس والمؤسسات حصل عليه ، وإنما من خلال جهوده الذاتية في تثقيف نفسه ، كان يعرف أيضا أنه بدون تفقيس البيض ما في عجة، وبدون النضال المنظم المبني على العلم والمعرفة ومقاومة الظالمين لا يمكن المحافظة على الوطن والمواطن وخاصة العامل والفلاح منه .
مثلنا الشعبي يقول : " الفقر جنازير السباع " ، إلا ان رفيقنا أثبت بممارسته وإدائه وعمله أنه قادر على الفقر وأنه اي الفقر لا قدرة له على هذا السبع المناضل ، كان رفيقنا لا يخضع ولا يكن في أي حاله او حال . مؤكدا بذلك صحة القول المأثور : " ليست كل الطيور صقور "، إلا المناضلين الاباة الواعين المقاومين أمثال هذا الرفيق الفارس . لم يتردد رفيقنا من توزيع جريدة الإتحاد المتحدية دائما وأبدا ، ولا أن يتغيب عن أي موقعه نضالية، وفي أحداث معليا النضالية الشهيرة كان من المميزين ، وعندما وُجهت له تهمة كسر كاميرا مصور الشرطة الذي كان يوثق الأحداث ، رد على المحقق وبتهكم من يعرف .. : " لو كنت انا الذي القيت الحجر لما بقي المصور على قيد الحياة " ، لما كان يعرف عن فقيدنا قوة ودقة تصويبه للحجر كما للفكر وأسوة برفيقنا منتظر الزيدي صاحب اشهر تصويبه وطنيه وتقدميه في هذا العصر .
 رفيقنا الذي يتمتع بالسمعة الطيبة والسيرة الحسنه القدوة ، كان يردد وبشغف القول الطبقي المأثور للعلامة محمد عبده  :
                       إذا بُنيَ النظام على فساد
                                                 ففي خرق النظام لنا نظام
والقول الوطني الذي كان الأحب عنده هو :
بأسناني سأحمي كل شبرٍ من ثرى وطني
                                    ولن أرضى بديلا عنه لو علقت من شريان شرياني
نودعك يا رفيقنا ولكن لا ولن ننسى لا سيرتك ولا مسيرتك ، فهي قناديل أزليه اضاءت وتضيء العتمة المبنية وكل العتمات، نم قرير العين والضمير ولنردد في سيرة أمثالك من المناضلين الأصليين الذين مسكوا وتمسكوا بمبادئهم كالقابضين على الجمر مثلنا الشعبي الذي يقول : " المنيح زيّ خشبه على وجه الميّ لا بتغرق ولا بتحرق " ، نحن أترابك الذين كانوا البادئين والفاتحين للمسار والسبيل الوطني التقدمي في قرانا  نعرف ما نريد ،  كما أنت كنت تريد وتعرف ما تريد ، وهذا المميِز والمميز وإشارة وشارة تميزك . لتبقى ذكراك خالدة .

( يانوح)

قد يهمّكم أيضا..
featured

أو...ماي... أوباما

featured

رحيل المناضل أبو النضال

featured

مروان البرغوثي: حكاية مناضل لا يُكسر... ولا يُعصر!

featured

عادات ومعتقدات

featured

مقالات في الذات والآخر: الخيال الذي نعتقده واقعا (4)

featured

يجب توفير الحِماية من نتنياهو!

featured

إعلان نتالي بورتمان خطوة على الطريق الصحيح