الليبرمانية" مصطلح أوجده النائب محمد بركة لتوصيف حالة الهيجان العنصري التي تجتاح المجتمع الإسرائيلي، وقد أصاب فيما قال لأن ليبرمان تحوّل إلى ظاهرة خطيرة تهدد ليس التعايش العربي- اليهودي في البلاد فحسب، بل النظام الديمقراطي في إسرائيل برمته. إن طرح ليبرمان قائم على إلغاء الآخر واستبعاد كل ما هو مختلف عن نظرته الفاشية، وبالتالي قد يستغل الهامش الدمقراطي المتاح له لكي يصل إلى السلطة ويؤسس نظامًا ديكتاتوريًا يقضي على كل مقومات الحياة الدمقراطية في دولة إسرائيل، تمامًا كما فعل هتلر في ألمانيا حينما وصل إلى الحكم بطرق دمقراطية وأسس نظامًا شموليًا وحكم البلاد بالحديد والنار.
ما يطرحه ليبرمان بات يلقى رواجًا واسعًا في الشارع الإسرائيلي وشعبيته آخذة بالازدياد وفق ما تشير استطلاعات الرأي، حيث تتوقع بعض هذه الاستطلاعات أن يكون حزب ليبرمان القوة الثالثة في الانتخابات القادمة بعد الليكود وكديما. ولا شك أن هذا الأمر يعتبر مؤشرًا سلبيًا لمستقبل الدمقراطية في دولة إسرائيل. وهذا ما تنبهت له حركة "ميرتس" اليسارية وبدا واضحًا في حملتها الانتخابية التي تهدف إلى تعريف المجتمع الإسرائيلي بالخطورة الكامنة في طرح ليبرمان الفاشي وما قد ينفذه في حالة وصوله إلى السلطة من مخططات تهدف إلى الإطاحة بالنظام الدمقراطي الإسرائيلي. في حين ركزت الأحزاب العربية في معرض انتقادها لليبرمان على عنصريته وكرهه للعرب وأغفلت الجانب الذي لا يقل أهمية والمتعلق بخطره على الدمقراطية.
إن الرد على ليبرمان وأمثاله لا يكون بالتقوقع والانكفاء على الذات كما تفعل بعض الأحزاب العربية التي تريد إبقاء المواطنين العرب في حالة عزلة عن الحياة المدنية في إسرائيل فاصلة إياهم عن الغالبية اليهودية عبر تبنيها أيديولوجيات قومية وإسلامية تصب في مصلحة ليبرمان أكثر من أنها تشكل نقيضًا له. النقيض الحقيقي لليبرمان هو ما تطرحه الجبهة من شراكة عربية- يهودية حقيقية تساهم في تعزيز التعايش السلمي والحياة المشتركة بين أبناء الشعبين تحت شعار "العرب واليهود يرفضون أن يكونوا أعداءً".
لقد صرّح الصحفي والمذيع الإسرائيلي المعروف حاييم يافين قائلا إن "ليبرمان مكمل درب كهانا"، وهذا ما أكده يوسي ديان الذي شغل منصب مدير عام حركة "كاخ" اليمينية المتطرفة التي كان يترأسها كهانا وأخرجت عن القانون، أكد ذلك عبر إشارته إلى أن ليبرمان كان عضوًا في حركة "كاخ". وأعتقد أنه يجب إيقاف ليبرمان عند حده كما تم إيقاف كهانا، وإذا لم يصر إلى تنفيذ ذلك فإن ليبرمان سيمضي في مشروعه الفاشي إلى نهايته وعندها لن ينفع الندم.
ما نأمله هو أن يعي المجتمع الإسرائيلي حقيقة ما يسعى له ليبرمان قبل فوات الأوان وأن لا يتجرف وراء شخص صبياني متهور من شأنه أن يضر بالمصلحة الإسرائيلية العليا وفي علاقات إسرائيل بالمنطقة والعالم. من أجل مستقبل أفضل لشعبي هذه البلاد. يجب دحر ليبرمان وتعزيز قوة الجبهة التي تعتبر البديل الحقيقي للعنصرية والتعصب والأمل الوحيد للعيش المشترك والشراكة العربية- اليهودية في بلادنا.