سيُفاجأ بنيامين نتنياهو عندما سيتضح له أن الجمهور الإسرائيلي لن يبتعد عن الليكود بسبب القائمة اليمينية المتطرفة التي انتخبت هذا الأسبوع، وربما سيكون انتخاب العنصري المعجب بالنازية، موشيه فايغلين، عاملاً على زيادة هذه الشعبية.
ماذا الذي يقض مضاجع قيادة الليكود، وربما قيادات أحزاب جماهيرية أخرى؟ أن تقوم مجموعة منظمة جيداً بالانضمام الجماعي لهذا الحزب. نفرض أنه من بين 100 ألف عضو، تستطيع هذه المجموعة إدخال 6-7 آلاف عضو، وهذه المجموعة المنظمة جيداً، ستأتي بكامل أعضائها للمشاركة في الانتخابات الداخلية، أي أن 100% من أعضائها سيشاركون في التصويت مقابل 50% من باقي الأعضاء، ولذلك، فوزنهم الانتخابي سيرتفع مباشرة من 7% إلى 14%، (7 آلاف من بين 50 ألف)، ومن جهة أخرى في ظل انتخاب عدد كبير من المرشحين لعدد كبير من المواقع، فقوتهم الانتخابية ستصبح حاسمة، وسيحصل كل مرشح يعلنون دعمه، بشكل أوتوماتيكي على 14% من الأصوات، ولذلك يكفي أن يجند هذا المرشح 6-7% من الأصوات لكي ينجح.
هذا ما حصل في الانتخابات التمهيدية لليكود لانتخاب قائمة الحزب للكنيست القادمة. حصل ذلك بالرغم من الحرب الضروس التي أعلنها نتنياهو على فايغلين، خوفاً من دمغ الليكود بأنه يمين متطرف، فقد خسر نتيناهو تقريباً في كل المواقع، بينما فاز مرشحو موشيه فايغلين بمواقع محترمة، وهو الذي يُعلن تماثله مع كهانا ولا يخفي إعجابه بهتلر، فقد فاز في المكان العشرين المضمون.
بالتأكيد أن هذا الأمر هو كابوس كل حزب جماهيري ذي تأثير، أن تتسرب إليه مجموعات منظمة، تستطيع بسبب تنظيمها وانضباطها أن تصل إلى قيادة الحزب، وخاصة في مواجهة قيادات وأوساط حزبية لا تملك الحماس الكافي والجلد التنظيمي والقدرة على مواجهة النفس التآمري الخبيث، الذي لا يحسنه سوى القلائل. وفي هذه الصدد (الشكل وليس المضمون) يتحدث الكاتب آري شفيط، (هآرتس- أمس الخميس)، عن قيام مجموعات تروتسكية في بريطانيا، في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، بشل حزب الليبور، وكان على توني بلير أن يحارب هذه المجموعات من أجل الوصول إلى الحكم، ويطلب شفيط من نتنياهو بشن حرب غير متهاودة للتخلص من هذه الخلايا السرطانية التي تهدد حزب الليكود.
بالطبع هذه التحليلات هامة، وفي مكانها، وأخطار فايغلين، يجب أن تثيرنا نحن المهدد وجودنا وتطورنا، على مدى السنين، ولكن السؤال الأكبر هو هل حقاً القضية كلها حسن تنظيم من فايغلين، أم أن هنالك، في ظل تسيب، مدعوم سلطوياً، بكافة المستويات، تنمو الفاشية وينمو التطرف، والخلايا السرطانية لفايغلين تستمد القوة من خلايا سرطانية أكبر وأعمق وأخطر، هي الاحتلال والممارسات الوحشية من قبل الجيش ومن قبل المستوطنين، في المناطق المحتلة.
ماذا يعني أن تقوم قاضية، أمس الأول، بإطلاق سراح مستوطن عابث يتم تصويره يطلق الرصاص على فلسطينيين في الخليل؟ ماذا تعني مئات وآلاف حالات التسيب الفاشي من قبل العنصريين، بدون أي ردع وبدون تدخل الشرطة أو القضاء؟
ظاهرة فايغلين مقلقة، ولكن الدموع المتدفقة بغزارة هي دموع ملونة، وفايغلين هو ظاهرة ولكن وراء هذه الظاهرة جبال من الممارسات العدائية للعرب شارك الجميع فيها، وعندما أعلن رئيس الشباك قبل حوالي السنة أنه خلال سنتين قُتل ألف غزّي، لم يحرك أحد ساكناً وكأن الحديث يجري عن مواطني كوكب آخر.
القضية ليست خطاً تقنياً، والدليل أن الشارع الإسرائيلي لن "يعاقب" الليكود، بسبب هذه القائمة ذات الملامح الفاشية، وسيل التعليقات حول أزمة الليكود بسبب هذه القائمة، سيتضح أنها منقطعة عن الواقع، لأن الواقع أشبه بفايغلين.