news

عن المحبطين من المصالحات والتسويات!

مجموع التطورات الخاصة بالجنوب السوري يشير الى أن الدولة في طريقها للتمركز هناك حتى حدود جولانها السوري المحتل من قبل اسرائيل. تلك التطورات تجري على عدد من المستويات، الميداني العسكري والمدني الأهلي والدبلوماسي الدولي. ميدانيًا، واضح لخصوم وأعداء دمشق قبل أصدقائها أن الجيش السوري وحلفاءه باتوا أصحاب اليد العليا على نحو حاسم. وارتباطا بهذا تتسع دائرة المصالحات لتتزايد شراذم الجماعات المسلحة التي ترضخ للواقع قبل المعارك.
الجديد هنا هو الدور الأردني الفاعل بالتنسيق مع روسيا لزيادة وتعزيز المصالحات، وبغير رضى أمريكي (وبالتالي اسرائيلي). لكن هنا أيضا لم يعد لدى واشنطن تأثير رادع على عمّان، التي تنسق مع موسكو هذا الملف بشكل علني. هذا احتمال، وهناك احتمال آخر وهو أن الإدارة الأمريكية نفسها شريكة في هذه التسوية الكبرى، ولهذا جاءت السفرتان المفاجئتان لملك الأردن ورئيس أركان الجيش الاسرائيلي الى العاصمة الأمريكية في الأيام الأخيرة.
ما يهمنا هو أن محصّلة هذا كله المؤلفة من تسويات ومصالحات ستكون إبعادا نهائيا لمخططات اقامة دويلات مذهبية وأحزمة أمنية في خدمة اسرائيل. لكن العجيب الغريب أن هذا لا يرضي بعض الجهات والأوساط العربية التي تشعر بما يفوق الخيبة والإحباط من الحاصل! فتراها تختلق التهويل عن "مجازر روسية وسورية" وتخفي تماما تقريبا التحركات السياسية والأهلية، لا بل يزعم بعض "عباقرة" السياسة أن التطور الجاري دليلٌ على تفاهم اسرائيلي سوري بعودة الجيش العربي مقابل ذاك الاسرائيلي!، متجاهلين ومتسترين على ومشوهين لحقيقة ان العدوان الاسرائيلي لم يتوقف بالمرة عن محاولات افشال الجيش السوري ودعم جماعات المسلحين (من السعودية وقطر)، وترجيح الكفة لصالحهم.. وكل هذا لغرض تفكيك سوريا، وتخفيف أعباء اسرائيل الاستراتيجية، وانشاء حلم الدويلات الاسرائيلي القديم والمستمر.
لكن كل هذا انهار وفشل (نقول حاليا، للاحتياط!). مشروع اسرائيل فشل. هناك محور فيه سوريا وروسيا والصين وايران وحركات مقاومة، قد أفشل مشروع المحور الذي يضم امريكا واسرائيل والسعودية وقطر (وتوابعهم هنا وهناك..). لن ينفع أحد تجميل صورته القميئة بمشاركته هذه القوى الأخيرة مشاريع التخريب والهيمنة!
لكن أولئك العرب المزيفِّين فلا يعترفون بهذا الفشل المبارك، بل يعلو زعيقهم في الاعلام القطري، مثلا، وتوابعه التي تعتاش منه هنا! وهؤلاء مطالبون بالانتباه الى وجود شريك ثقيل الوزن لهم في مأتمهم المعيب على الحاصل الايجابي في الجنوب السوري. شريكهم في المأتم وفي الخيبة وفي الفشل اسمه اسرائيل الرسمية.. فبئس هكذا تحالف وهكذا حلفاء.