منذ سنوات و"الاخوة" في قطر، يعيبون على اصحاب الجلالة واصحاب السمو واصحاب السيادة العرب بان علاقاتهم مع ابناء العمومة في اسرائيل علنية، وعلى رؤوس الاشهاد وليست كما يفعل الاشقاء الزعماء العرب الذين يحاولون اخفاء هذه العلاقة عن اعين شعوبهم المغلوبة على امرها.
" الاخوة" في قطر، يتباهون "بالدمقراطية" وبقنال الجزيرة منبر من لا منبر له.. القنال المهنية، المحايدة، الواقعية الموجودة في قلب الحدث الخ.. الحقيقة التي اصبح يعرفها القاصي والداني، ان العلاقة بين دولة قطر ودولة اسرائيل قوية واسعة وفي كل المجالات السياسية، الاقتصادية، التربوية، الاجتماعية والرياضية وربما العسكرية.. كلنا نتذكر زيارة وزيرة الخارجية الاسرائيلية، تسيبي ليفني الى قطر، هذه الوزيرة خريجة الموساد الداعية لترانسفير اصحاب الارض الاصليين، العرب الفلسطينيين مواطني اسرائيل وليس "عرب اسرائيل" او عرب 48، كما يحلو للاخوة تسميتنا، نحن فلسطينيون عرب – جزء من الامة العربية، صاحبة الامجاد العريقة المغلوبة على امرها قبل النكبة وبعد النكبة قبل هزيمة حزيران 67، وبعد هزيمة حزيران 67، قبل يوم الارض المجيد وبعد يوم الارض المجيد، قبل ايار 58 وبعد هبة ايار 58، قبل الانتفاضة الفلسطينية الاولى والثانية، وبعد الانتفاضة الفلسطينية الاولى والثانية، قبل هبة اكتوبر 2000 وبعد هبة اكتوبر 2000. هكذا ولدنا وهكذا سنستمر.
منذ فوز حماس بالانتخابات للمجلس التشريعي وللسلطات المحلية في قطاع غزة والضفة الغربية فرضت اسرائيل حصارا محكما على قطاع غزة فقد منعت دخول المواد التموينية، المواد الطبية الضرورية الحيوية، الوقود، غاز الطهي وكل هذا لم يثن الاشقاء "الاشقياء" العرب عن استمرار، لا بل تقوية علاقاتهم مع ابناء عمومتهم في دولة اسرائيل "الدمقراطية جدا جدا"، بعد ان ادى الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة، لتحطيم الاقتصاد الفلسطيني ولمجاعة ولموت الاطفال والمسنين بسبب نقص الدواء وليس لأن الاعمار بيد الله سبحانه وتعالى، تحرك الضمير الانساني العالمي قبل ان يتحرك ضمير الحكام العرب، وبالمناسبة كيف يمكن لضمير غير موجود ان يتحرك!!
بعد وصول سفينة اصحاب الضمير الدولية لقطاع غزة وكسر الحصار الرمزي، ومع استمرار وإحكام الحصار الهمجي على الاهل الصامدين في غزة هاشم بدأ التململ في الشارع العربي وبدأت تجمع المواد الغذائية والتموينية والطبية لنصرة الاهل المحاصرين في قطاع غزة. هذا الامر احرج الحكام العرب واخافهم، بدأوا باطلاق تصريحات الاستنكار النارية "المنددة" باسرائيل شقيقتهم..
عشية عيد الاضحى "عيد بأي حال عدت يا عيد".. حاولت سفينة قطرية محملة بألف وثماني مئة طن من المعونات دخول غزة، الا ان قوات الاحتلال الاسرائيلي، التي تربطها بقطر علاقات حميمة، منعتها بذريعة مضحكة مبكية، ان السفينة محملة بكميات كبيرة جدا من المساعدات التموينية والطبية، وان الامر لم ينسق مع اسرائيل سلفا.. ترى لو كانت محملة بكميات قليلة هل كانت اسرائيل تسمح لها بدخول ميناء غزة!!
لم نسمع عن أي رد فعل يذكر من "الاشقاء" في قطر مثل قطع العلاقات التجارية، ايقاف العلاقات الثقافية، الرياضية، او دعوة العالم لتحمل مسؤولياته واثارة موضوع الحصار المفروض على قطاع غزة في المحافل الدولية خاصة وان قطر صديقة حميمة جدا لاولياء نعمة دولة اسرائيل الجالسين في واشنطن سواء كانت الادارة الامريكية جمهورية او دمقراطية. تتباهى دولة قطر "بالدمقراطية" حرية الرأي، وحرية الكلمة والصحافة وبشكل خاص تتباهى بقنال الجزيرة التي تبث على مدار الساعة ومن قلب الحدث ولها مراسلين في كل مكان وتنقل الاحداث اولا بأول.. وانها منبر من لا منبر له..
هذه القنال يسمح بانتقاد الآخرين من على شاشاتها وهذا امر جيد ولكنه يحرم انتقاد دولة قطر وحكامها من على شاشاتها. ولذلك ليس غريبا انها لم تنتقد دعوة الوزيرة ليفني لزيارة قطر تحت ستار تقديم مداخلة في مؤتمر دولي حول الدمقراطية او دعوة لاعبة التنس الارضي النغنوشة شاحر بئير للمشاركة في مباريات قطر والتغطية الاعلامية الواسعة التي حظيت لها في ظل استمرار الحصار الاسرائيلي وتشديده.
ليس غريبا ان قنال الجزيرة "منبر من لا منبر له"، لم تنتقد رد فعل دولة قطر المعيب على الصفعة المهينة الاسرائيلية، ام ان ذلك كان تمشيا مع مقولة "هوات الحبيب زبيب" وان هذه ليست بصقة، بل السماء تمطر مطرا. كيف لقنال تمول من الامراء حكام قطر ان تنتقد تصرفات هؤلاء الحكام؟؟ هل يبقى وحيد القرن، وحيد القرن اذا تخلى عن قرنه؟؟ بالطبع لا والف لا. الالتزام بالدمقراطية والموضوعية والمهنية والجرأة الصحفية ليس في انتقاد الغير وابراز نواقصهم وعيوبهم فهذا امر سهل نسبيا.
الالتزام بالدمقراطية والموضوعية والمهنية والجرأة الصحفية، يتطلب اولا وقبل كل شيء انتقاد الذات، وفي حالة قنال الجزيرة انتقاد حكام بلادهم وكشف نواقصهم وعيوبهم سواء كان ذلك بالقضايا المحلية او في السياسة الخارجية. كثيرا ما نشاهد من على شاشة قنال الجزيرة رجالات دين مختصين في علوم الشريعة الاسلامية، حملة شهادات الدكتوراة يتحدثون في كل شيء وعن كل شيء، مثل الشريعة والحياة، عن الجنة والنار، وعن ضرورة العودة الى الله سبحانه وتعالى، وعن الاقتصاد، وعن الازمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية وان لا مخرج منها الا باتباع الاقتصاد الاسلامي، ويتحدثون ايضا عن الدمقراطية مع ان الاديان والدمقراطية خطان متوازيان لن يلتقيا.
لكن هؤلاء حملة الشهادات العالية "الافاضل" لم نشاهدهم ولو مرة واحدة ينتقدون دولة قطر او حكامها. ترى كيف يتلاءم تصرف هؤلاء "الافاضل" مع مبدأ من رأى منكم اعوجاجا فليصلحه بالسيف وان لم يستطع فبالقلم، وان لم يستطع فبالقلب وهذا اضعف الايمان.