الموقف الأخير الذي تم كشفه عن رؤية قيادة وحدة التحقيق مع عناصر الشرطة "ماحش" لدورها في إزاء المخالفات البوليسية، لا يكشف جديدا إلا بكونه اعترافا مباشرا. أقوال رئيسة الوحدة عن أن وظيفتها هي "خدمة الشرطة على الرغم من الدور الرقابي والتأديبي المنوط بها"، وعن ضرورة الامتناع عن اعتقال عناصر شرطة مشتبه بهم، لم تأت من باب التوازن، بل من باب الانحياز الى جهة المخالفين.
إن من تابع نهج هذه الهيئة الرسمية على مدى السنين، وخصوصا منذ أكتوبر 2000 قد لاحظ وأدرك أن هذه الهيئة تقوم بعكس تعريفها. هي ليست للرقابة على مخالفات عناصر الشرطة ومحاسبتهم، وتقويمهم وتثقيفهم وضبطهم، بقدر ما تلعب دور توفير الغطاء لتجاوزاتهم. نعم، وهذا مثبت، في حالة المخالفات بحق المواطنين العرب خصوصا. وليعد كل مهتم الى مثل هذه المحطات. 13 جريمة قتل لمتظاهرين مواطنين عزّل في أكتوبر 2000 ولم يعاقَب أحد! هل هناك أكثر من هذا؟
إن وحدة التحقيق مع عناصر الشرطة بحاجة هي نفسها منذ زمن طويل الى لجنة تحقيق في أدائها وفي أساس توجهها وتصورها لدورها وتعريفها لمسؤوليتها التي تشتق منها ممارساتها. هذا على الأقل ما كان يجدر ويصحّ في نظام حكم سليم. لكننا نخشى أن ما يجري في ماحش ليس سوى عارض لما هو أعمق في مؤسسة تطبيق القانون برمتها.. وهي التي تقودها اليوم وزيرة من حزب الاستيطان والاستعلاء القومجي "البيت اليهودي"!
أخيرا، لقد اشار اكثر من محلل وخبير قانوني الى ان قسما هاما من تركيبة ماحش، ضباط ومحققي شرطة في اجازة مؤقتة أو ممن أنهوا وظيفتهم، تؤثر على قيام الوحدة بدورها. كأننا أمام من يحقق مع نفسه. وما تسرب من تصريحات لرئيسة الوحدة دليل واضح على ذلك. هذا هو النقيض التام لمبدأ تطبيق القانون!