كيفما يتمّ "قلب" رئيس الحكومة الاسرائيلية، فسوف يظهر يمينيًا متشددًا، تصلّب مواقفَه دوافعٌ قومجية معادية للفلسطينيين هنا، واستعلائية طبقية معادية للعمال هناك، ومنغلقة معادية لحريات التعبير والنقد الإعلامي بينهما.
في القضية الأولى، القضية الفلسطينية، وعلى الرغم من تصريحات غامضة عن التزامه بتسويات سياسية، فإن نتنياهو وحكومته والأحزاب التي تؤلفها، يعملون بمنهجية على تعزيز تماسك شبكة الاستيطان وسط وضع القدس في مركزها، وبالتالي تفتيت البنية التحتية لأية تسوية سياسية تفضي الى حل الدولتين. وكل قراءة معمّقة وجديّة وجريئة ستكون خلاصتها الأولى: إن هذا الحل في الطريق للدفن، ليس لأنه "لم يعد ملائمًا" بل لأن هناك من يغتاله. وهو ما يتطلب إعادة حساب للمسارات!
وفي قضية حرية نقد السلطة، عمل نتنياهو ومعسكره على محاصرة كل صوت صحفي نقدي اسرائيلي، ضمن النسب والمقاييس القائمة طبعًا. وعملوا على تقوية ودفع منابر إعلامية تنطق بلغة السلطة ومن حناجرها وتستبعد أي صوت مغاير، بل تهاجمه تحريضًا وشيطنة وتخوينًا. خلف هذا السلوك الذي لا يرى مصلحةً سوى البقاء في الحكم، توجد منظومة قيم فاشية مستعدة لذبح الحريات الأساس حفاظًا على مقاعد الحكم.
وعلى صعيد الحقوق والقيم الاجتماعية، يتخذ نتنياهو موقفًا رجعيًا عدوانيًا من كل ما يقترب من العدالة الاجتماعية وأدوات تحقيقها، فيواصل السعي لتدمير القطاع العام وتقديس كل قيم السوق المنفلتة المسماة كذبًا "حرّة"، وقام مؤخرًا بمهاجمة عنيفة لحق التنظّم النقابي بالقول الاعترافي أنه ما زال يسعى منذ سيطرته على الحكم – قبل 22 عامًا – الى إضعاف نقابات العمال القوية في الاقتصاد الاسرائيلي! ويزعم أنه "قبل 100 سنة كانت هناك حاجة لنقابات عمال... أما اليوم فبدلا من حماية العمال، تعتدي النقابات على المجتمع بأكمله. يجب اليوم حماية المواطنين منها".. هذه مزاعم ديماغوغية لئيمة تحاول إخفاء حقيقة ان من دمّر قطاع الخدمات الاجتماعية (المحدودة) ومن يعمل على خنق الحق في الاضراب وخدمة الرابح الأكبر: حفنة الأثرياء هو اليمين الذي يتزعمه نتنياهو، وهو وأشباهه من يجب توفير الحماية منهم، بإسقاطهم الى غير رجعة!