استمعوا إليه، في يوم ميلاد المسيح. أحمد سعدات رفيق الحلم الممكن في الزمن المستحيل. إرادته كالريح، يستحيل القبض عليها. لا تغشّكم تلك الأغلال في قدميه، فمن صلب المسيح يوماً، يعيد في يوم ميلاده تمثيل الجريمة، ويسقط عند قدميه زمن الصفوة الزائفة. كأنهم يبحثون في أوراق التنجيم عن تاريخهم الزائف. أنظروا جيداً، كيف يتوشّح الميلاد أبيضَ، فيخرج من صليبه الأخضر، والرأس من نصاعة الضمير ووضوح الأخلاق، رغم الأغلال، يتوّج رأسه بالأبيض كثلج الميلاد. وإن كانت ليلة الميلاد باردة، فجسده ينبض بحرارة المستحيل، ولن تكون أكثر برداً من الكوابيس العربية. سيهتف في وجه السجّان كلمات تخرق الصّدى، تشع كالضوء السرّي فينا، كي تبهر أعيناً نظرت إلى كل شيء وأُغمضت على المهزلة، لعل وعسى تخلع الإنسانية صقيعها.
لننصت إلى الفيض الأوّل من جداول الحرية، سيردد مرة أخرى: «أنا هنا لأدافع عن شعبي، لا عن نفسي». ليهز الروح فيها مؤبداً كأنّ عشق فلسطين فيها قد تأبد. وتصغر الأحكام أمام حكمه المسبق ومع سبق الإصرار، يوم كان حكمه عليها حكماً بالعشق المؤبد، فما يضير الجسد إن قيدته الأحكام، فالقيود على جسدنا الوطني أكثر إدماءً وقهراً. وطن مصلوب يقبض الجلاد على رقبته، يدق أقدامه، بالجدار والانقسام والحصار والجوع، ويتفشى الاستيطان بعروقه كالداء، ونحن نتسابق في السيطرة على أكمام قميصه والرقص على راية «نصر موهوم» وإن كان بعفن رائحة الجوارب، ونختلف على اللون ونحن نعلم أنّ كل الألوان فرضها السجّان أثواباً للسجين.
أعلن يا رفيقي هدية الميلاد، لجيل فلسطيني جديد، يبحث عن انبعاثٍ جديد، يحيل اسمك كأيقونة، كي تنسكب النخاسة على قدميك، وكيف باعك «يوضاس» بثلاثة من الفضة؟ أعلن درس العشق الأوّل، كي تهزم العناكب، الصفراء كالوهن المتسلل في بيوت الوهم، باسم المناصب الهوائية والألقاب الكرتونية.
نطقوا بالحكم على ما يحتويه قلبك من انتماء، لم تهزه زنزانة، رجل المقاومة بامتياز، المقاومة التي تشع بخيط النور مقدسي، في أرض المهد تصير أكثر قوّة، ستسقيها المجدلية من ماء الروح وتنزع أشواك قدميك، كي تواصل درب الوطن درب الآلام. فالوطن يعرف رجاله جيداً، فاذَن له أن يقبّل جبينك اعتزازاً، ونحن نشمخ بك شموخ الكرمل، اليوم اسمح لنا بأن ننحني لكبريائك حياءً، كي نقتات على خبز الحياة، ازرع لنا ما بقي من عطائك، نوزّعه باسم الحب، نشيداً للحرية.
أحمد سعدات هو الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اختطفه جيش الاحتلال من سجن أريحا عام 2006، وأصدرت محكمة عسكرية إسرائيلية بحقّه أوّل من أمس حكماً بالسجن ثلاثين عاماً