تهاجرُ من بلد "عالمثالثي" كلبنان، يحكمه نظام إقطاعي على طائفي على رأسمالي ولعبة سياسيّة "شريعتغابيّة"، إلى بلد تسوده "ديمقراطيّة وستمنستريّة" غربيّة وعمليّة سياسيّة "حضاريّة"، فتنبهر لأول وهلة، بجملة من المظاهر "النظيفة" كتنافس البرامج - عوضاً عن الزعامات - في الحملات الإنتخابيّة بواسطة الكلام المهذب المحكي والمكتوب والمسموع والمرئيّ، غياب مظاهر الفساد والرّشوة و"البلطجة" وشراء الذمم، التداول السلميّ للسلطة، سلطات قضائيّة فوق كلّ السلطات والأحزاب والسياسات ووووو...
وإذا كنتَ تمتلك خلفيّة يساريّة وتَبَقـّى لديك بعض الأحلام الرومانسيّة، تدخل السياسة من أضيق أبوابها، منضوياً في أضعف حلقاتها، حزباً تعيساً يشبهك، لا حول مالياً ولا نفوذاً سياسياً ملحوظاً له، بل مشروعاً سياسياً إنسانياً، يفوق بأبعاده وطموحاته كلّ المشاريع المتنافسة، وقبل أيّ شيء آخر، يمتلك حظناً دافئاً لأمثالك من الصّعاليك، يتفهم غربتهم وهمومهم الإضافيّة ويتضامن مع قضايا شعوبهم الأم.
تنهمكُ في السنوات الأولى، بنقل مشاهداتك عن بلاد النعيم، لرفاقك وأصدقائك ومعارفك في الوطن الأمّ، على أمل تعميم بعض "عدوى" هذه المشاهدات إلى من يهمّهم الأمر. تعقبها فترة من التمحيص والتدقيق والمراجعة وإعادة القراءة، لتكتشف أنك مخدوع كبير. فلا يلزمك طول وقت ولا شديد عناء ولا بالغ فطنة، لتستنتج بأنّ التوحش في وطنك الجديد، لا يقلّ عنه في وطنك الأم، ولا يختلف إلاّ بتدرّعه بعد مخاض طويل، بمعادن لا تخترقها العين المجرّدة، وتبرّجه بألمع الحليّ وأجذب أحمر الشّفاه. لعلّ أوّل ما تتلمّسه هو انفصام وانسلاب أبناء وطنك الجديد، بحيث أنّ الإنسانيّة التي اعتادوها، لا تشبه مضمون النصّ الأصليّ بأي شيء. بعد انكشاف عورات هذا العنف المحجّب، غالباً ما تبدأ التّرحّم على ذلك العنف المكشوف.
لا يحتاج المرء إلى طول سيرة، كي يفضح خلفيات تلك "القحباء" الغربيّة المحاضرة، أبداً، عن العفاف. فقط نموذج واحد، عن سهولة اختراق فراشها، من قبل بعض "السياسيين" العرب – الأستراليين، يكفي لا للدلالة على "شطارة" العرب، واللبنانيين على وجه الخصوص، بل على هشاشة النموذج الغربي للديمقراطيّة. إذ يكفي أن تكون "أزعراً" صغيراً، مُلعّب"كشاتبين" مثلاً، كي تخترق "ميركافا" السياسة الغربيّة، أمّا إذا كنت "محظوظا" بامتلاك تجربة خطف أو قتل على الهويّة، فبإمكانك مضاجعة "الديمقراطية الغربية" على سريرها الزوجيّ وفي أفخم قصورها.
- مصادقة إمرأة أستراليّة بهدف اكتساب اللغتين الإنكليزيّة والغراميّة.
- الإنتساب لفرع من فروع الحزبين الرئيسيين و"خردقته" بأفراد العائلة.
- "التزحلق" داخل مكان العمل أو في "السّوبرماركت" ورفع دعوى قضائيّة، بواسطة "محام ٍ" قريب أو "رفيق" حزبي للتعويض عن"العطل الدائم" الذي سبّبه الحادث "الفظيع" مرفقاً بتقرير من "طبيب" العائلة الشخصيّة أو الحزبيّة. ( من المفيد جداً أن يكون المحامي والطبيب قد اختبرا "كرم" سياسيّ المستقبل، خاصّة من خلال المطبخ العربيّ المنزليّ أو العامّ ).
- سيكون مبلغ "التعويض عن العطل الدائم" جواز السّفر إلى "المَلْيَنة" (غير المشروعة في الغالب).
- تخصيص ميزانيّة لامتلاك قصر أو أكثر، منتجع أو أكثر، نادٍ ليليّ أو أكثر، يخت أو أكثر. ومن الضروري تغطية الإستثمارات باسم شركة "مرموقة" أو أكثر. والسياسي "الأشطر" هو من يستطيع الإستفادة أكثر من قوانين سرّيّة المصارف السويسريّة واللبنانيّة.
- روزنامة مكثّفة لدعوات الإستجمام والولائم المجانية بحسب رتب الحزبيين ومواقعهم ومسؤولياتهم.
- ضرورة شمول هذه الدعوات للمفاتيح الإنتخابيّة في الجالية، وأخذ ما أمكن من صور هؤلاء مع قادة البلاد والعباد، ونشر تقارير عنها في وسائل إعلام السياسي الموعود.
- الترشّح لعضوية البلديّة، فرئاستها .
- بضع سنوات من العمل "الشّاق" وستكون مرشح الحزب لمقعد نيابي متأرجح أو لرقم حظوظه قليلة على لائحة المجلس التشريعي للولاية.
- بضع سنين أخرى وستضمن مقعدك النيابي أو التشريعي، فتركّز جهودك كي تصير "نَمْبَرْ مَانْ" يحسب له ألف حساب في قرارات تكوين السلطة.
- وقد تحتل مقعداً وزارياً في حكومة الولاية، يهيئك للإنتقال إلى البرلمان الفيدرالي وربّما الحكومة الفيدرالية.
* الفرق بين سياسيينا العرب–الأستراليين والأستراليين–الغربيين كالفرق بين استطياب الأوّلين للـ"كبّة النيّة" والآخرين للـ"الكبّة بصينيّة".
* من الفوارق بين أنظمة العالم الثالث الشمولية و"الديمقراطية" الغربية، أنّ الأولى تعتمد نظام الحزب الواحد والثانية نظام الحزبين، بما يجيز القول: هناك دكتاتورية الحزب الواحد وهنا دكتاتورية الحزبين.
* صحيح أنّ القضاء يسهر على تطبيق القوانين، لكن من هم صاغة القوانين؟ وأية قوانين تعلو على حركة الرأسمال الفالت أبداً من أي عقال؟
* بالطبع فإنّه من الجائرالتعميم، فهناك من سياسيينا العرب قلّة من النظيفين إلاّ من مناسف الموائد "المتلّلة" فوقها بطون الخراف المحشوّة بالرّز والصنوبر ومداعبة "المايكروفون" كما لو كان "ثدياً" كلّما تتطلّب الأمر استذكار أشلاء "البنيآدميين" في فلسطين والعراق ولبنان.
* القمع هناك ضمير متّصل وهنا ضمير منفصل.
* صرّخ ما شئت في داخلك هناك وفي الهواء الطلق هنا.
* يحتار غير "الشاطرين" من أمثالي بين من عليه تصدير "الديمقراطيّة" لمن، أهو الغرب أم هم العرب؟
* أقترح على "الشّاطِط ْريقهم" للديمقراطيّة الغربيّة أن يستوردوا أعضاء ميليشياتهم السابقة للإستفادة الجمّة من خبراتهم، بشرط توزيرهم أوّلاً، وإلاّ جاز تصويب الأصابع نحوهم بتهمة "تهجير الأدمغة".
* على "المغشوشين" السابقين من أمثالي ب"نظافة الديمقراطية الغربية" أن يتّعظوا. "فديمؤراطيتهم" وديمؤراطياتنا طيزين بفرد لباس"، والأكثريّة الصامتة و"المسموطة" هنا وهناك هي جمهور"المأروطين".