ثلاثة أسابيع بالتمام والكمال،عشرون يوما ويوم وآلة الحرب الصهيونية تحصد أرواح المواطنين الأبرياء في قطاع غزة أكثر من إلف ومئة وسبعين شهيدا وقرابة خمسة الآلاف جريح نصفهم أو ما يزيد من الأطفال ومئة من النساء الشهيدات ، آلاف البيوت المدمرة وعشرات بل المئات المؤسسات سوتها آلة الحرب الهمجية بالأرض ، أكثر من خمسون ألف من المواطنين نزحوا من بيوتهم ولجئوا إلى مدارس وكالة الغوث وهناك حيث يفترشون الأرض ويلتحفون السماء تطاردهم قذائف الموت في كل لحظة وآلاف العائلات يحتضنها الأصدقاء في بيوتهم، مشاهد مؤلمة تنقلها أعين الكاميرات لضحايا العدوان كل دقيقة، أطفال فقدوا إبصارهم وفتيات بعمر الورود بترت إطرافهن وأسر بكاملها أبيدت عن بكرة أبيها منذ أن بدأت المحرقة الصهيونية بحق شعبنا الباسل، المذبحة تتواصل وشعبنا الأبي ليس إمامه إلا الصمود وانتظار رحمة الخالق، شيوخ من مختلف الأعمار تراقب عيونهم شاشات التلفاز خلال السويعات القليلة التي يصلهم فيها التيار الكهربائي وآذانهم التي تصمها أصوات الانفجار تلتصق بالمذياع ترتقب ساعة الفرج . ساعة الفرج هذه التي ينتظرها هؤلاء الأبرياء الذين ينتظرون الموت ويتصدون للعدوان بصدورهم العارية تتمثل في جملة واحدة جاءت فيما مستهل المبادرة المصرية التي طرحت قبل أسبوع (وقف العدوان الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني) وتبعتها بجملة أخرى بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الشامل من قطاع غزة ، ومن ثم رفع الحصار عن شعبنا والبحث في تهدئة يمكن التوصل لها بعد أن تصمت أصوات المدافع ويتوقف سيل الدماء، والذهاب إلى مصالحة فلسطينية فلسطينية تعيد الوحدة الوطنية الفلسطينية وتقطع الطريق على أي محاولة لاستغلالها حالة الانقسام المؤلم ، ولأن الوقت من دم كان لابد من عدم المماطلة والتعاطي بايجابية مع هذه المبادرة كونها المبادرة الوحيدة المطروحة على الساحة ويلبي البند الأول منها مطلب وقف العدوان على شعبنا ويفسح المجال أمامه لالتقاط أنفاسه ، أمام الجنون الإسرائيلي المنفلت من عقاله غير آبه بكل أصوات الإدانة والاستنكار ومظاهرات التضامن مع شعبنا . إن التعاطي مع تلك المبادرة وغيرها من المبادرات وبالرغم من الملاحظات التي لابد من أخذها بعين الاعتبار لتحسين بنود المبادرة لحماية شعبنا كان من المفترض أن يتم في إطار موقف فلسطيني واحدة متفق عليه وأن لا يترك أمر التعاطي مع هذه المبادرة أو غيرها لجهة هنا وأخرى هناك ، فمن يتلقى حمم القذائف الإسرائيلية بصدوره العارية هو شعبنا الفلسطيني وليس جهة بعينها ولمن يقول غير ذلك عليها أن يراجع سجلات الشهداء والجرحى والبيوت المدمرة ويطل ولو مجاملة على الآلاف الأسر المتروكة لمواجهة قدرها في مدارس الاونروا ، إن الوقت من دم ولأنه كذلك حسنا ما يجري في القاهرة من تعاطي ايجابي مع المبادرة المصرية رغم أن إسرائيل ستثقلها بمزيد من الشروط الأمر الذي يدفعني للقول مجددا أن الاتفاق على موقف الفلسطيني الموحد على التعاطي مع هذه المبادرة وغيرها يمكن أن يشكل ضمانه لدرء مخاطر الشروط الإسرائيلية والتصدي لها . مرة أخرى أقول ذلك لان قائمة الشروط الإسرائيلية آخذة بالتصاعد و لأن الوقت من دم وأصوات المدافع لم تصمت بعد والمعركة متواصلة لاخيار لنا إلا التوحد لصد العدوان ومنعه من تحقيق أهدافه.