news-details

وداعا رفيق سمير عثمان | توفيق كناعنة

في المدة الأخيرة صار يصعب علي ان اكتب في توديع رفاق أعزهم واحترمهم جدا، والرفيق سمير عثمان أبو نضال واحد من هؤلاء الرفاق، ليس لأنني لا اريد الكتابة بل لأنني في المدة الأخيرة أصبحت يدي ترتعد وانا اكتب عن دور هذا الرفيق او غيره، ولأنني اتعب عندما اكتب عن هؤلاء الرفاق بلغة الماضي خاصة انهم كانوا من المناضلين الذين جابهوا المصاعب في اصعب الظروف التي مرت بها جماهير شعبنا في هذه البلاد، وكان لهم دورا تاريخيا هاما في الدفاع عن حقوق هذه الجماهير داخل وطننا الذي لا يوجد لنا وطن سواه.

لقد قررت مع انه قرار غريب ان لا أتكلم في توديع أي رفيق لأنني أصبحت خلال حديثي اتأثر كثيرا عندما أتكلم عن هؤلاء الرفاق المناضلين الذين عشت معهم سنوات طويلة.

كل هذه المقدمة لأن الرفيق نضال عثمان نجل الرفيق سمير عثمان طلب مني ان أكتب عن والده الذي عشت معه وعرفته منذ سنوات طويلة، واعرف جيدا ان الرفيق نضال والرفاق في طمرة لن يقبلوا مني أي عذر ولأنني احب الجميع واحترمهم قررت في النهاية ان أكتب بالرغم من الصعوبة وآمل ان يكون ما سوف اكتبه مقبولا وسوف أحاول ان أوفيه حقه ولو قليلا لأنه في الحقيقة يستاهل اكثر واكثر.

لقد عرفت الرفيق سمير عثمان منذ سنة ١٩٦٥ أي في نفس السنة التي بدأت بها عملي الحزبي كمتفرغ للعمل بين الشباب في منطقة الناصرة الواسعة، في تلك السنة كانت انتخابات الكنيست وقد حضرت الى فرع طمرة للتكلم في اجتماع شبابي على شرف هذه الانتخابات، وكان الرفيق احد الشباب الحاضرين هذا الاجتماع وكنت عمليا انا حلقة الوصل من قبل المنطقة مع فرع طمرة. وفي هذا الاجتماع الذي عقد في بيت الرفيق طيب الذكر علي العمر وبعد الاجتماع جلست مع الشباب وعرفت ان الرفيق سمير ليس عضوا في الشبيبة الشيوعية بعد، ولأني رأيت به شابا متحمسا طلبت منه الانضمام الى صفوف الشبيبة الشيوعية فقبل هذا بحماس ورحابة صدر. ومنذ ذلك الوقت اصبح عضوا نشيطا في صفوف الشبيبة الشيوعية وربطتني به علاقات رفاقية قوية ونتيجة لنشاطه المثابر رُفّع لصفوف الحزب الشيوعي واصبح كذلك سكرتيرا لفرع الشبيبة في طمرة لعدة سنوات، وكان له دورا مميزا في قيادة هذا الفرع الذي اصبح احد الفروع المركزية في منطقة الناصرة من حيث النشاط في جميع المجالات.

كان الرفيق سمير ما زال سكرتيرا لفرع الشبيبة في طمرة خلال التحضيرات لإنجاح الاضراب في يوم الأرض الخالد، وفي تاريخ ٢٥ اذار سنة ١٩٧٦ كان هناك اجتماع لرؤساء السلطات المحلية في مدينة شفاعمرو بدعوة من مستشار رئيس الحكومة المدعو طوليدانو من اجل افشال الاضراب واتخاذ قرار ضد الاضراب من قبل الرؤساء ولكنهم فشلوا في اتخاذ مثل هذا القرار. وكانت هناك حدة في النقاش بين المعارضين للإضراب ومؤيديه ولكن الرفيق توفيق زياد وبدعم من الرؤساء المؤيدين وجمهور الشباب الذين كانوا في الخارج، قال لهم جملته المشهورة "لستم انتم من يقرر الاضراب بل الشعب قرر الاضراب".

لقد تواجد عدد كبير من أعضاء الشبيبة الشيوعية في الخارج وراقبوا ما يجري في الداخل وكان للرفيق سمير دورا هاما لتجنيد عدد من أعضاء الشبيبة في طمرة وكذلك رفاق اخرين من عدد من الفروع وكان لفرع شفاعمرو دورا هاما في ذلك الوقت بقيادة الرفاق احمد حمدي ومحمد بركة، حيث قادوا المواجهة مع الرؤساء المتخاذلين ومع الشرطة التي كانت متواجدة بكثرة حول مكان اجتماع الرؤساء، وكان الرفيق سمير عثمان احد الجنود (المجهولين) ولكن دوره كان بارزا في الاسهام في صناعة يوم الأرض الخالد.

الحقيقة ان الرفيق سمير عثمان ومنذ انضمامه الى صفوف الشبيبة الشيوعية وهو دائما في مقدمة النضال في خدمة جماهير شعبنا في الساحات الكفاحية. وكنت قد التقيته اخر مرة قبل رحيله بأسبوع فقط في مظاهرة يهودية عربية في تل ابيب ضد الحرب الهمجية التي يرتكبها حكام إسرائيل ضد شعبنا العربي الفلسطيني، والتي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، وأكثر من ذلك يعمل حكام إسرائيل على توسيعها، ويبادرون الى مهاجمة الشعب اللبناني بأساليب إجرامية حديثة تطال المدنيين في لبنان.

ان الرفيق سمير عثمان كان قد أمضى حياته مدافعا عن قضايا شعبه وحقوقه القومية واليومية ولم يكل ولم يمل، لأنه آمن ايمانا راسخا لا يتزعزع بمبادئه الأممية السامية وبطريق حزبه الشيوعي الذي قاد جماهيرنا العربية بعد النكبة بإخلاص وتفاني.

ان الرفيق سمير عثمان واحد من الرفاق الطلائعيين الذين أسهموا اسهاما هاما في معارك شعبنا الكفاحية على مدى سنوات طويلة من حياتهم، ونتيجة لمثل هذا الدور المميز ستبقى ذكراهم خالدة.

بفقدان الرفيق أبو نضال فقدت رفيقا وصديقا عزيزا فوداعا يا أبا نضال، ان الشباب الذين ربيتهم سيكملون المشوار بالرغم من كل الصعوبات ولتبقى ذكرى ابي نضال خالدة.

عرابة البطوف

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب