كل قادة "حكومة التغيير" السابقة وأحزابهم، دعموا الحرب، ومنهم من شارك في وضع ركائزها
وقف بنيامين (بيني) غانتس، مساء (أمس) السبت 23 آب الجاري، أمام وسائل الإعلام، ليعلن فيه عن "شروط" انضمامه الى حكومة يرأسها بنيامين نتنياهو، سوية مع شريكيه في المعارضة البرلمانية، "الصوريّة"، يائير لبيد وأفيغدور ليبرمان، وليس بالضرورة بالاتفاق معهما.
وإذا كان جنرال الحرب غانتس، قد نجح في شيء، في هذا المشهد، فهو أنه قدم عرضا مليئا بالسخرية والتفاهة، في الوقت الذي تدل فيه كل المؤشرات على أنه يقضي أشهره الأخيرة في عالم السياسة، بعد أن كان شريكا في وضع أسس حرب الإبادة الدائرة، حينما كان شريكا لنتنياهو في حكومته، في الأشهر الثمانية الأولى للحرب، سوية مع شريك غانتس، جنرال الحرب، غادي آيزينكوت، الذي يحاول حاليا التقلب بألوانه السياسية، بأسرع من الحرباء.
ويطلب غانتس من نتنياهو التخلي عن كل ركائز حكمه الحزبية المتينة: الحزبين الكهانيين بزعامة ايتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش؛ وكتلتي الحريديم، "شاس" و"يهدوت هتوراة"، وهم الشركاء الأربعة الأساسيين لحزب الليكود لثبات حكمه.
ثم يطلب غانتس من نتنياهو، ما يرفضه من حيث المبدأ: اتفاقا يضمن، بحسب كلام غانتس، "إعادة المخطوفين" (الرهائن)، وسن قانون يضمن التجنيد الشامل لشبان الحريديم. في حين أن نتنياهو يريد استمرار الحرب دون توقف، بما يتلاءم مع عقليته، وليس بضغط من أحد، كما أنه في سن قانون التجنيد الذي يطلبه غانتس، فإنه يفك الشراكة المتينة، كليا، مع الحريديم.
وثالثا، يطلب غانتس من نتنياهو، تعيين موعد للانتخابات، في ربيع العام المقبل 2026، قبل 5 أو 6 أشهر من موعدها الرسمي، وهو نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، العام ذاته، وهو ما ليس بحاجة له نتنياهو، خاصة وأن استطلاعات الرأي تواصل الادعاء بأن مجموع مقاعد الفريق الحاكم حاليا، ستكون بعيدة جدا عن الأغلبية المطلقة، لاستمرار حكمه، بمعنى أن غانتس يطالب نتنياهو، ولو نظريا، التخلي عن الحكم.
وجاء بيان غانتس، في ظل الاستطلاعات التي تشير في الأسابيع الأخيرة، إلى أنه يعارك نسبة الحسم لضمان تمثيله البرلماني في الانتخابات المقبلة، بعد أن انفك عنه عدد من نواب كتلته، وأبرزهم جنرال الحرب، أيزينكوت، الذي بات "سلعة سياسية" مقبولة في استطلاعات الرأي، إذ يحصل على ما بين 8 إلى 9 مقاعد، في ما لو خاض الانتخابات على رأس قائمة يقودها، أو أنه يعزز كل قائمة ينضم لها، مثل القائمة المفترضة بزعامة رئيس الحكومة الأسبق، نفتالي بينيت.
علّمت التجارب في العقود الأخيرة، على أن الحزب الذي يبدأ بالتهاوي في استطلاعات الرأي، يختار زعيمه، في غالب الحالات، عدم خوض الانتخابات، كليا، وهذا المصير الذي من الممكن توقعه لغانتس.
الأمر الآخر، هو أنه على الرغم من نتائج استطلاعات الرأي، كلها باستثناء تلك التي تنشرها القناة "14" التلفزيونية، اليمينية المتطرفة، بأن نتنياهو بعيد عن العودة الى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقبلة، فإن نتنياهو "يتمتع" بمعارضة صوريّة، إن كانت البرلمانية الحالية، أو ذلك الذي يجلس حاليا على مقعد انتظار العودة، المدعو نفتالي بينيت، وكلهم، هم قادة ما تسمى "حكومة التغيير" السابقة، التي كانت "القائمة العربية الموحدة"، الذراع السياسي للحركة الإسلامية الجنوبية، ركيزتها، هؤلاء كلهم، ليس فقط داعمي حرب الإبادة، بل شركاء فيها.
فكما ذكر هنا، فإن غانتس كان شريكا مباشرا في الحكومة في الأشهر الأولى للحرب، في حين أنه تم تكليف نفتالي بينيت، بالظهور الإعلامي في وسائل الإعلام العالمية الكبرى، للدفاع عن موقف حكومة الحرب، في حين أن كل الكتل الأخر، "المعارضة"، بما فيها حزب "العمل"، دعمت الحكومة برلمانيا في كل ما يتعلق بالحرب، من حيث سن القوانين وفرض أنظمة الطوارئ، إن كان بالتصويت المباشر، أو بمغادرة جلسة التصويت، منعا للتصويت ضد.
ولهذا، فإنه في "يوم الساعة"، وبقصد يوم الانتخابات، سيكون من الصعب على المعارضة الوهمية الحالية، مقارعة نتنياهو وفريقه، من حيث الجوهر.