لا يمكن إلا التطرّق باستمرار ومثابرة الى ضربة العنف المسلح والمنظم المدمّرة التي تضرب مجتمعنا، ومن دون رؤية حلول ولا علاجات جدية في الأفق، ليتحول الأمر الى دوامة تتسع وتشتد وتوقع المزيد من الضحايا الفعليين المباشرين جسديًا، والضحايا نفسيًا ومعنويًا ممن تتضرر حياتهم او مجراها وسيرها أو يلفّهم القلق والخوف الدائمين على أنفسهم وأسرهم ومحيطهم الاجتماعي. هذا وضع خطير يكاد لا يستثني أحدًا!
الادعاء السلطوي الرسمي يزيح باستمرار المسؤولية عن نفسه، ويحوّل التهمة الى المجتمع العربي، ومما يقوله: ليس هناك من يتعاون معنا! السؤال هو أي تعاون يقصد القائل؟ إذا أرادت الشرطة إنشاء مخزون وشاة يخدمها، فإن الأمر ساقط عمليا-براغماتيا وليس فقط أخلاقيا. لأنه مرفوض تماما تحويل المواطن، كل مواطن وليس العربي فقط، الى شرطي سري. بل يجب أن يقوم الشرطي الرسمي بوظيفته. ثم إنه لا احد سيقول لسكان تل أبيب: إما ان تعملوا مخبرين في خدمة الشرطة وإما أن تعانوا من الفلتان المسلح! لكنه يقال للعرب لأسباب معروفة وواضحة ومحدودة تلخصها كلمة: العنصرية.
مما سلف يجب اشتقاق ما يجدر توجيهه الى أصوات تخرج بالعربية لتتهم المجتمع بهذا العنف. ربما تتحمل المجتمعات مسؤولية "شيفرات" معينة بعضها فظ وبعضها قمعي، هذا صحيح. لكن لا يمكن تحميل مجتمعات مواطنين مسؤولية نشوء عصابات مسلحة منظمة وشبكات تجارة سلاح تعمل تحت السطح وتحت الرادار و"بعيدا" عن أعين أجهزة تطبيق القانون. يجب التأكيد يوميا على عنصر التربية الأساسي والمؤسس في صد الانفلاتات العنيفة وظواهرها، لكن معالجة الخطر المسلح "الفوري والمباشر والملموس"، بلغة القانون، هي مسألة لا تكفي فيها التربية! هناك دولة ومؤسسات يجب أن تقوم بواجبها.
وللأسف يبدو أن هذا لن يتم، والتقاعس لن يتقلّص طالما لم تضغط الجماهير العربية بكامل وزنها (وهو نوعي وكبير!) في هذا الاتجاه. مثلا: مسيرة يشارك فيها بالمحصلة مئات الألوف بل مليون من المواطنين العرب ومعهم التقدميون اليهود (او حتى غير التقدميين ولكن من يرون مصلحة لهم أيضا في وقف فوضى السلاح!) على مدار أيام او أسابيع وصولا الى تل أبيب! يجب أن يشعر المتبلدون بالاختناقات المرورية! لأن الصمت في وضعنا يصبح أكبر دعم للانفلات!