العنف عدو خبيث ولئيم، وهو المفهوم الابدالي للموت والدمار، مع ان حجم اسمه صغير، لا يتجاوز الثلاثة احرف!! ولكونه اصبح يلعب دورا رئيسيا على خشبة مسرح مشهدنا الحياتي المعيش، لا بد ان نسبر كل حقول دلالاته، عسانا نعثر على "الكماشة السحرية" التي تمكننا من استئصاله، قبل "خراب بصرى"!!
ولنبدأ، قارئاتي قرائي، الذين احب التواصل معكم "لو تعلمون كم" بالمفهوم المعجمي لهذا "الطاعون" الذي لا يعشق الا العدم!! ففي باب – عنف – في لسان العرب جاء: ان العنف يعني الخرق بالامر وقلة الرفق به – واعتنف بالامر: اخذه بشدة واعتنف بالشيء: اخذه بشدة وكرهه، ومنها، اعتنف الارض – كرهها!! لذلك جاء في الحديث النبوي الشريف: "ان الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف".
اما في المفهوم النفسي، فقد ربط ميشيل كورناتون بينها وبين العدوانية، باعتبارها المفوم الابدالي للعنف واذا تأطرت في جسم المجتمع كظاهرة ثقافية او كمكتسب ثقافي، تتغلغل في الانسان الفرد عندئذ، كغريزة ثانوية، تتغير بتغير مظاهر الحياة وتفاعل عناصرها.. اما فرويد فقد اتبعها لعنصر "اللبيدو"، كمنتج لمبدأ اللذة، التي تدفع الفرد الى صراع مع القيود التي تحيط به، ويسعى هو الى التخلص منها، مما يفجر رغباته الاجرامية - المازوشية منها والسادية!!
واذا ولجنا ردهة المفهوم الاجتماعي، يصبح العنف فعل ارادة تستقوي به الذات لقهر الآخر، وهذا يوجد فاعلين للعنف المتبادل، ويولد ما يسمى التوازن العنفي، كوجود احتلال ومقاومته مثلا!!! هذا ناهيك عن انه في سياق التصارع على الامتلاك الفردي او الجمعي للآخرين، في غياب النظام العلائقي الدمقراطي والمساواتي، تكون النتيجة، قيام الراغب بالتسلط على تطوير آليات الاخضاع والاكراه، مما يجعل المستهدف يفرز الرغبة في التمرد والرفض، لعدم قبوله الخضوع والقولبة!!
وحيث إن الصباح، قارئاتي قرائي الكرام، بدأ يتنفس، اكتفي بما حكيت من كلام مباح، مستميحا العذر من المفهوم التربوي والسياسي والاقتصادي، لان كل اضافة قد تؤدي الى ترهل في الكلام!!!
اذًا، عزيزاتي اعزائي، انا اوافقكم الرأي بان الضغط والاكراه بهدف اخضاع الآخر، والعنف بأقنعته المختلفة، رغبات موجودة في الانسان!! لكننا اذا رسخنا، افرادا وجماعات القناعة، بأنها مظاهر سلوكية (مرضيّة) مكتسبة، ستجد، وهذا ليس بالمستحيل، المصل الشافي الذي يقتلعها.
ولن انهي قبل ان اصبّح بالخير على من علّق، وعلى من سيعلق على صدره "ايقونة" تعلن: نعم لبيئة نظيفة من العنف – تخرجنا من داخل حصار هذا الوباء الخانق، لنعانق خارجا من شأنه ان يسع شساعة احلامنا وطموحات حاضرنا ومستقبلنا وفضاءات مناخاتنا النفسية..