لقد كان الرفيق خالد سعدي "أبو عزمي" من أوائل الشباب الذين انضموا الى صفوف الشبيبة الشيوعية ومن ثم الى صفوف الحزب الشيوعي في قرية عرابة البطوف منذ سنة 1952 من القرن الماضي تلك السنوات الصعبة التي كانت بداية فتح الطريق لبناء فرع الشبيبة الشيوعية والحزب الشيوعي في القرية والتي كان فيها مواجهات دائمة مع نظام الحكم العسكري ونظام المخترة الذي كان سائدا في قرانا العربية في تلك المرحلة وفي مواجهة أجهزة السلطة وأعوانها في قريتنا.
منذ ذلك الوقت تعرفت على هذا الرفيق العزيز والمعطاء والذي مما لا شك فيه انه كان من الذين أسهموا في بناء فرع الحزب الشيوعي في عرابة وكان من الرفاق المثابرين في العمل اليومي من أجل تقدم الحزب وتطوره منذ انضمامه الى صفوف الحزب حتى أوائل الثمانينيات من القرن الماضي حيث تقاعس عن التنظيم الحزبي ولكنه لم يتقاعس عن مبادئه وبقي مخلصا لمبادئه الشيوعية التي اقتنع بها وعمل من أجلها وفي الوقت نفسه بقي المدافع المخلص عن هذه المبادئ وهو خارج التنظيم الحزبي وكان دائما يشارك في معارك شعبنا العامة.
ان انضمام الرفيق خالد الى صفوف الحزب الشيوعي أدى الى انضمام اخوانه أيضا الى صفوف الشبيبة الشيوعية وفيما بعد الى صفوف الحزب وأصبح بيته أحد البيوت الأساسية التي حملت راية الكفاح ضد الظلم وضد سياسة الاضطهاد القومي والحكم العسكري وأعوان السلطة في قريتنا وقد بقي هذا البيت، بيت المرحوم محمد عبد الرحيم السعدي، والد الرفيق خالد مواظبا ومخلصا لهذا الطريق الذي سار به "ابو عزمي".
لقد كان الرفيق خالد أحد الرفاق البروليتاريين والعصاميين حيث استل لقمة عيشه بعرق جبينه وكان كريم النفس يأبى الذل ويدافع عن حقه الإنساني والطبقي بكل جرأة وإخلاص وجابه مصاعب الحياة بصبر ومثابرة ولم يرضخ للتهديد ولا الوعيد ولا لجميع الإغراءات التي حاولت بها السلطة واعوانها استعمالها ضده وبقي دائما مخلصا للطريق التي اختارها في شبابه حتى أيامه الأخيرة.
في صباح اليوم الذي رحل فيه أبو عزمي (يوم الجمعة 12.12.2008) كنت قد زرته في بيته من أجل المعايدة عليه خاصة واني كنت قد سمعت أنه أصيب بوعكة صحية وأدخل الى المستشفى قبل أيام، ولكن عند زيارتي له سررت لأن وضعه الصحي كان جيدا ولم يكن يشكو من ألم وجلسنا وكان يمزح ويضحك. وبدأ يسأل عن الوضع في القرية ووضع الحزب والجبهة وشعرت كم كان مسرورا بنجاح الجبهة في الانتخابات المحلية وانتخاب رفيقنا عمر نصار، مرشح الجبهة، لرئاسة المجلس المحلي. وبعد هذه الجلسة معه خرجنا من عنده انا والرفيق عمر سعدي أخاه لجولة في القرية وكنا مسرورين لأننا رأينا أن وضعه الصحي جيد.
لكن من المؤسف أنه في حوالي الساعة العاشرة والنصف مساءً وإذ بالهاتف يرن وكان على الخط الآخر الرفيق عمر سعدي يبلغني والغصة في حلقه عن رحيل أبو عزمي. وكان هذا الخبر المفجع والمؤلم الذي لم أكن أتوقعه؛ ولكنها كانت الحقيقة التي يجب تقبلها بالرغم من كل الألم والأسى. لقد رافقت أبو عزمي منذ انضمامه الى صفوف الشبيبة الشيوعية في عرابة سنة 1952 وكان نعم الرفيق والصديق ولم تنقطع علاقتي معه منذ ذلك الوقت وحتى يومه الأخير.
لا شك أن رحيل أبو عزمي هو خسارة كبيرة لأهله وإخوانه ولنا جميعا ولكن كما قيل:
فالى جنات الخلد يا أبا عزمي وأبدا سنبقى مخلصين للطريق الصحيح الذي اخترته في حياتك لأن التاريخ أثبت انه هو الأصح.