news

كلمة الرفيق كمال حاج في ذكرى الأربعين للشخصية الوطنية شفيق خوري (أبو منذر)

أنت الرجل وأنت الأساس
     حضرات الآباء المحترمين، المشايخ الأجلاء، أيها الحضور الكريم.
 من كان بصفات المرحوم أبو منذر لا ينسى، وهل تنسى الصفات الحميدة بعد وفاة صاحبها ؟
فكيف ننساك يا أبا منذر وأنت الرجل، وأنت الأساس، وأنت أول من ادخل الوعي السياسي الحزبي لقريتنا البقيعة سنة، 1946 عندما أوصلتك قناعتك بالانتساب للحزب الشيوعي الإسرائيلي أنت وبعض الرفاق، متحدّين في ذلك الوقت،  الحكم العسكري وغطرسته وظلمه لأبناء شعبنا الذي كان "أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام".
وهل أنسى عندما عبئت لي طلب الانتساب للشبيبة الشيوعية في ربيع 1950 انا وغيري من رفاق الشبيبة الشيوعية وأنرت لنا الطريق لمستقبل أفضل. كنا حوالي 20 عضو شبيبة وكنا نجتمع في بيتك قبل ان يحرقوه وكنت تقوم بتثقيفنا وتعلمنا مبادئ الشيوعية، وكنت، بسبب قلة المصادر باللغة العربية،  تقرأ بالانجليزية وتترجم لنا للعربية.
      أذكرك خطيبا تقف، في ساحة الكنيسة، لجانب إميل حبيبي في أول اجتماع شعبي سنة 1950.
أذكرك ويذكرك أهل بلدك وأنت تكتب الاعتراضات على التقديرات الخيالية لضريبة الدخل لأكثرية فقراء بلدنا خوفا من الحجز على أملاكهم فكنت مع المظلوم ضد الظالم.
كيف أنسى يوم سافرنا سوية الى حيفا عشية الأول من أيار سنة 1951 للاشتراك في مظاهرة عيد العمال وبنفس الليلة، وانت في حيفا، وبتوجيه من الحكم العسكري أحرقوا بيتك بالكامل. وبعد هذا العمل الإجرامي نفاك الحاكم العسكري إلى قرية دبوريا لشهرين مع إثبات الوجود يوميا في مركز بوليس الناصرة.
ورغم كل هذا الكبت بقيت صديقا للحزب الشيوعي صامدا شامخا لم تنحن هامتك، ولم تساوم عندما طلبوا منك الابتعاد عن الحزب الشيوعي مقابل وعد بإرجاع أخيك توفيق اللاجئ في لبنان حيث أجبتهم أن أكثرية شعبنا لاجئون وأخي واحد منهم.
كنت من أصدقاء جريدة "الاتحاد" من سنة 1949 حتى يومك الأخير، داعما لها مواظبا على قراءتها 59 سنة.
أذكرك عندما حضر الى القرية جندي برتبة ضابط برفقة احد العملاء وبدأ بجباية عشرة قروش عن كل نفر بحجة التخطيط لبناء مستشفى في المنطقة ولما اكتشفته ولى هاربا.
كتبت حينها في جريدة "الاتحاد" خبرا بعنوان، جندي محتال وعميل متستر .
ولا أنسى عندما ذهبنا سوية الى الناصرة بقيادة الحزب الشيوعي لكن الشرطة أوقفت الباص الذي اقلنا إلى الناصرة قرب مفرق المغار ومنعونا من الوصول إلى الناصرة بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة، وممنوع الدخول إليها! فرجعنا مشيا على الأقدام حتى الرامة. وعرفنا فيما بعد أن الشرطة حاولت منع قيام المظاهرة بعد عشر سنين من قيام الدولة. كل ذلك لتصوير الأقلية العربية وكأنها تعيش في نعمة الحكم العسكري في تلك المظاهرة جرى صدام مع المتظاهرين واعتقلت الشرطة أكثر من 80 رفيقا من أعضاء الحزب الشيوعي.
ولن أنسى عندما نجحنا سويا في عضوية أول مجلس محلي منتخب في البقيعة سنة 1959 وكنت أنت من انجح أعضاء المجلس.
أذكرك عندما كنا سوية أعضاء لجنة الوقف وكنت أنت رئيس اللجنة وكنت الرأس المدبر والمبادر لشراء ارض ولبناء هذه القاعة وهذه الكنيسة. وبعد انجاز البناء قلت لي، في إحدى زياراتي لك، "الآن أنا مرتاح البال بعد انجاز هذا العمل الضخم بقي فقط تلبيس الحيطان بالحجر".  وها هي أمنيتك، يا أبا منذر،  تتحقق فالعمل بهذا الأمر على وشك الانتهاء.
      كلنا يعرف انك واصلت العطاء بهمة الشباب بدون كلل وكأنك تسابق الزمن حتى أقعدك المرض ولم يمهلك طويلا.
طيب الله ثراك، ولتبقَ ذكراك خالدة.