news

نشيد الأممية الكفاحيّ

لم يكن أمس السبت يومًا عاديًا. فقد ارتفع فيه الصوت الانساني الصارخ ضد الاستغلال من شرق الأرض الى غربها. وقد خرج مئات ألوف المتظاهرات والمتظاهرين في العديد من العواصم والمدن وهم يرددون الهتافات المشتقة من اسم حركتهم/حركتنا الأممية الآخذة بالتبلور: "الغاضبون".
إنه الغضب على النظام الحاكم في العالم، نظام حكم المال وسلطة رأس المال. وهو نظام لا يفرّق بين شعب وآخر، ولا بين موقع وآخر. إنه آفة عصرنا هذا، والمسبب الأساس للحروب والمجاعة والفقر والبطالة، تلك المصائب التي تضرب البشرية جمعاء.
فمن أقصى آسيا الى مركز اوروبا وصولا الى أمريكا الشمالية واستراليا، اجتمع الصوت المناضل ضد الرأسمالية، ومن أجل تقاسم الثروات بين الشعوب، وليس بين الشركات والسلطات الحاكمة التي تقيم معها علاقة من الانتفاع المتبادل على حساب الشعوب، على حساب مواطني العالم.
في أواخر القرن الماضي خرج العديد من "المنجّمين" و "الدجّالين" بنبوءات كاذبة مفادها: لقد ماتت الايديولوجيات، وانقضى عهد الأفكار الاشتراكية، ولم يعد من خيار أمام البشر سوى الجنّة المزعومة للسوق الرأسمالية "الحرّة" - منفلتة العقال والقيود والضوابط الأخلاقية!
لكن صوت مئات آلاف الشباب في العالم يوفّر الرد الحازم على كل تلك الاختلاقات التي تتزيّا بموضوعية مشوّهة فيما هي تؤدي خدمة الترويج والتضليل والتسمين للسلطة الحاكمة – سلطة المال. فقد أيقن هذا الشباب العالمي ان تلك "الجنة الرأسمالية" ما هي الا غابة يفترس القويّ فيها المستضعف، ولا تجد الأجيال الصاعدة فيها أفقًا تنظر من خلاله الى أي مستقبل آمن وسعيد لها، فقرّرت كسر الصمت.
العديد من المحللين يربط هذا التحرّك الأممي الغاضب بمحطات سبقته، بدأت من الربيع العربيّ الذي أدهش العالم، وامتد الى اسبانيا ولندن، والآن الى نيويورك. ويحق للشباب العربي أن يشعر بالفخر على دور المفجّر لهذا النضال العادل. فهو ليس نضالا يسعى لفرض سيطرة هذه الفئة على تلك، ولا لعيش هؤلاء على حساب آخرين، بل هو نضال أممي متعدد اللغات واللهجات والألوان لكنه موحّد في مطلبه الواضح: الثروات للشعوب وليس لسلطات المال على اختلافها.
إننا على ثقة أن "نشيد الأممية الكفاحي" هذا لن يتوقف بل إن صوته الصادح سيظلّ يعلو ويعلو ليقضّ مضاجع بؤر الاستغلال في عالمنا أجمع، ويضع حدًا للقمع الاقتصاديّ الرأسماليّ.