news

المالح في زمن السكّر


على صدر مقالاتها تغفو حكايات شعبها العربي الفلسطيني.. بكلماتها تمتشِق سيوف الصدق والحقيقة الخارجة من أغماد الغم والهمّ والدم والسمّ حيث يستدفئ تاريخ أمتها المثخن بالقروح والجروح. على سطورها يترنح شعبها الذي يجهل ما يخيطه قادته كذلك الزوج المخدوع الذي يسبقه الجميع في معرفة حقيقة تحركات قرينته!
في حكاياتها نجالس شعبنا المسروق المسْتَلب.. المسروق من تاريخه والباقي عاريا كالبندوق الذي لا يملك أهلا والمسروق من لغته المطموسة والمقذرفة الى ضباب النسيان على ايدي الخصوم المتجبرين.
مع كاتبتنا نقرأ مآسي اذلالنا وتفتيتنا بمؤامرات المستعمرين الذين سطوا على ثرواتنا وقسّمونا الى طوائف تعتنق الطائفية وعشائر تتسربل بعباءات العشائرية والقبلية!
باستهدافنا تركنا مهندسو الاذلال والتهجير والتكفير جثثا بلا هوية متناثرة في قبور شواهدها ارقام تجاور ارقاما مبللة بالدموع والنسيان.
في مقالاتها تجدنا هائمين في ارض الميعاد.. في اسرائيل الحليب والسمن والعسل.. هذا البلد الذي يريد من الفلسطينيين الركوع والصلاة والبسملة والحوقلة في هياكل الاحتلال.
في مقالاتها نبكي معها حال اطفال شعبنا وهم يتساقطون في سعيهم شق الظلم والظلام.. انهم في حقيقتهم اطفال فلسطين الابطال الذين بمقاليعهم وأوراقهم الطائرة يقارعون الظالمين المتجبرين.. انهم اولئك الاطفال المناهضون بقاماتهم قامات بعض رجال السلطة المتسلطين المتسلبطين كذاك القائد الذي أقام عرسا اسطوريا لنجله بتكلفة (3) ملايين دولار منهوبة من خزائن شعبنا هنا وهناك!
في مقالاتها نجالس شعبا يقتني الملابس المستعملة من الذين يحتلون بيوت وأرض اجداده مثلما هو الحال في غزة هاشم حيث تسيطر قبضة الاحتلال على الجو والبر والبحر واذا اعترض يافع فلسطيني على ذلك يرميه القناصون بالرصاص!
في كتابها (المالح في زمن السكر) يدخل القارئ مدرسة في مناهجها تلخيص للدمار والخراب والموت.. في فصولها يطل معلمون خبراء في الصفعات والركلات.. في هذا الزمن المدرسي نلتقي زمنا ألوانه قتل ودم واستفزاز وهابي وعهر سياسي وزنى فكري.. في دفاتر مدرستها نقرأ عن وطننا المذبوح والمسكون بالتآمر والفساد والخداع.
هذا غيض من فيض أسوقه هذا الصباح تحية لكاتبة نابهة لامعة اهدتني اصدارها الاخير: "المالح في زمن السكر".
في خمائل حروفها يجد القارئ نفسه عائما في غدران المعرفة والبيان.. انها شوقية عروق منصور.. المبدعة التي يتدفق في عروقها سحر الكلمة والمقال وبسائل يراعها يتوالد الجمال وتتناسل ايقاعات الزمن المالح المتقهقر امام الرحيق العذب المذاب.