سيناريو القمع في رام الله لمتظاهرين سلميين تكرر في بعض مظاهره بنفس البشاعة والعدوانية والوحشية في مدينة غزة أيضا. اختلف المعتدون في الموقعين فصائليا، لكن سلوكم واحد. ففي الحالتين كما تقول مصادر صحفية وأخرى في منظمات حقوقية مستقلة شارك في القمع عناصر أمن بلباس مدني.
كانت المظاهرة في غزة تحت شعار إنهاء الانقسام البغيض. عنوان يفترض أن يؤيده كل فلسطيني تهمه في المقدمة المصلحة الوطنية العليا. لكن وفقا لمشاركي المظاهرة فسر البعض في زعامة حماس، أو واحد من أذرعها، الشعار كدعوة لعودة حكم السلطة الوطنية في القطاع، أي ضد حماس! بالضبط مثلما أراد البعض في رام الله ترجمة عنوان المظاهرة هناك برفع العقوبات عن غزة كاتهام للسلطة وفتح!
كان السلوك في الحالتين، بدلا من احترام حق التظاهر والمتظاهرات والمتظاهرين، استخدام أسلوب المستعربين! عناصر أمنية أو فصائلية بلباس مدني هاجمت واعتدت واحتجزت. هل يفوت العين هذا التشبه ببشاعة احتلالية اسرائيلية؟ وكي يزداد الشبه ويكبر اهتم القامعون المتنكرون المتسترون بشكل جبان، بأن يمحوا أي توثيق وتصوير للحدثين المعيبين من هواتف وكاميرات المشاركين.. هل يمكن تجاهل التداعي الذي يستحضر القانون الاحتلالي الأخير بمنع تصوير جنود؟!
ليس في هذا إلا المقارنة بين أشكال نهج وسلوك تلتقي للأسف الشديد بصورة تبعث على غاية الأسف والقلق.. إن مجموعتي المتظاهرين في رام الله وفي غزة قد تكونان مختلفتين على العديد من التقييمات والتحليلات والقراءات. قد يغضب من شعاراتهما طرفا الانقسام، لكن ما يجب أن يبقى مشتركا وموحدا لهما هو الحق الكامل الذي لا يقبل التأويل ولا التلاعب بالتعبير عن الرأي والموقف بكل حرية وبدون التعرض لأي كاتم صوت، لو اقتبسنا الراحل الثائر المبدع ناجي العلي!
لقد حذرنا على الدوام من الانقسام لأنه لا يخدم سوى الاحتلال، وها هو اليوم يفرز سلوكيات من قاموس ونهج الاحتلال نفسه. أي أن خطورة الانقسام تكبر وتتفشى كسرطان. ومن الخطير والمحظور أن يستمر هذا الحال ولا إفرازاته!