استمرارًا لمسيرات العودة وكسر الحصار دعت الهيئة الوطنية الائتلافية المشرفة على تنظيم المسيرات، الى اعتبار مسيرة الجمعة 29 حزيران مكرسة لوحدة الارض والشعب والقضية والهدف، تحت شعار " من غزة الى الضفة وحدة مصير مشترك " مؤكدة على جماهيرية وسلمية مسيرات العودة، كاداة كفاحية واسلوب نضالي يقوم على الشراكة من قبل كافة القوى والقطاعات الشعبية في قطاع غزة، منذ ان انطلقت مسيرتها الاسبوعية يوم الارض 30 اذار 2018، وتواصلت حتى يوم الجمعة الماضي الذي كرسته ليكون يوم الوفاء للجرحى، على طول السياج الفاصل لقطاع غزة، بين منطقتي الاحتلال الاولى عام 1948، والاحتلال الثانية عام 1967.
الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار، صدرت بيانها في ختام فعاليات "جمعة الوفاء لجرحى مسيرة العودة وكسر الحصار" مخاطبة جموع شعبها بقولها "ها انتم تقفون اليوم صفًا واحدًا وفاء للجرحى والابطال، تضعونهم على رؤوسكم وتشهرون جراحهم في وجه عدوكم لفضح زوره وكذبه وعنصريته، وستظلون الاوفياء للاوفياء، تتقدمون ولا ترهبكم تهديدات عدوكم ولا خذلان من خذلكم ولا الحصار ولا المؤامرات، وانتم بذلك تكسرون صفقة القرن وتقربون يوم الحرية".
مسيرات العودة الجماهيرية رغم سلميتها، سقط خلال فعالياتها 130 شهيدًا منذ تسجيل انطلاقتها، وغالبيتهم ابناء العائلات اللواتي شاركن بنشاطاتها من النساء والاطفال والكهول ولم يسلم من اذى العدو وفاشيته وادوات قنصه بالرصاص والقنابل الصحفيون والمسعفون، بدوافع عنصرية حاقدة، هادفة لمنع المشاركة الجماهيرية الواسعة بنشاطاتها، لما تسببه من جرح سياسي واخلاقي وانساني للمشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي امام المجتمع الدولي، الذي بدا اكثر تفهمًا بشكل تدريجي لمعاناة الشعب الفلسطيني، وعدالة مطالبه، وشرعية نضاله وافعاله.
جرحى مسيرات العودة تجاوز العشرة آلاف مصاب، وعدد كبير منهم تعرض لبتر احد اطرافه بشكل متعمد من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي بهدف الاقلال من عدد القتلى، وزيادة عدد الجرحى ليكون عبرة وعبئًا انسانيًا واجتماعيًا وعقوبة محسوبة للشعب الفلسطيني، فالاعاقات الجسدية بفقدان إحدى الارجل باتت مشهدًا مالوفًا في اليوميات الفلسطينية في قطاع غزة، المحاصر بريًا وبحريًا وجويًا لمنع الحياة عن اهله، وتحول الى مكرهة صحية وفق تقارير المؤسسات الدولية، ومع ذلك لا حس ولا خبر ولا تفاعل عربي واسلامي ومسيحي يليق باخوة الانسان وضرورة التعاطف الملح معهم لتخفيف آلامهم، والعمل على رفع ظلم الحصار المقيت عنهم.
شعب غزة يستحق ما هو اكثر مما يُقدم له من حب وتقدير ودعم واسناد، حيث تتكالب عليه اجراءات العدو بلا رحمة، وضيق افق الذات التي تُعاقب شعبها، وهوس الشقيق الذي اضاع بوصلة اولوياته وفشل في اختيار ادواته، ومع ذلك يُسجل شعب غزة الفلسطيني انه اقوى واكبر من عدوه وضيق افق اشقائه، وانه لمنتصر وان طال الوقت وتعاظمت التضحيات.
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والاسرائيلية.