الاستطلاعات التي تشير إلى تزايد قوة حزب "يسرائيل بيتنو" اليميني المتطرّف، هي مؤشر خطير جديد على التدهور الفاشي في المجتمع الإسرائيلي.
إنّ سياسة حكّام إسرائيل، سياسة الاحتلال والحرب، هي المستنقع الذي يغذي السموم الفاشية، والتي بدورها تجد أرضية خصبة، أيضًا بفضل السياسية الاقتصادية النيولبرالية المتطرّفة التي تكدّس غنى الأغنياء وتكرّس فقر الفقراء، وتفرض على الدولة الانسحاب من المجتمع.
ومن جهة أخرى، يغوض اليمين الاستيطاني التقليدي في أزمة فكرية عميقة، فالأحزاب الثلاثة المركزية تنازلت عن أضغاث أرض إسرائيل الكبرى، وكذلك ليبرمان، لتحلّ الديموغرافيا مكان الجغرافيا. ومن هنا هذا التصعيد، غير العفوي البتة، ضد الجماهير العربية الباقية في وطنها.
إن مواطنة هذه الجماهير ليست ولا يمكن أن تكون مشتقة من "الولاء" الذي يطلبه ليبرمان وحزبه، وإنما من انتمائها الأصيل لهذا الوطن منذ مئات السنين. هذه الجماهير قبضت على جمرة البقاء وأفشلت مؤامرات التهجير الجسدي، وهي اليوم معرّضة لتهجير من نوع آخر، سياسي، يرمي إلى النيل من وزنها وقدرتها على التأثير على القرار السياسي لمصلحة قضية الشعب العربي الفلسطيني.
ولكن ليبرمان ليس وحده؛ فرئيسة "كاديما" تسيبي ليفني مانت "نصحت" جماهيرنا قبل بضعة شهور بممارسة حقوقهما القومية في الدولة الفلسطينية، وهذا موقف ترانسفيري في جوهره. أما حزب "العمل" فهو سليل الفكر الاستعماري الاقتلاعي الذي رافق قيام دولة إسرائيل على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني عام 1948.
من المهم أن نرى الاختلافات على الساحة، وأن نعرف كيف نتعاطى معها لمصلحة قضايانا. لكن في المحصّلة، يجب أن نتذكّر، أن ليبرمان ينطق بما يفكّر به كثيرون في الساحة السياسية في إسرائيل. ويجب أنت نتذكّر أن دورنا الأساسي هو مواجهة هذه الساحة وليس الإنكفاء أو اللجوء إلى ساحات سهلة.
إن كل صوت للجبهة في الانتخابات التي ستجري الأسبوع القادم هو صوت صاف منأجل حماية بقاء هذه الجماهير، ومن أجل حياة حرّة كريمة في هذا الوطن، ومن أجل مستقبل هذه الجماهير، في هذا الوطن، في وطننا الذي لا وطن لنا سواه.