هناك "شيء" إسمه تقرير الخارجية الأمريكية لحقوق الانسان، وهو يستخدم بالطبع لأغراض دعائية ومصلحية ولتصفية حسابات وأحيانًا تلفيق ملفات لكل غير المرضي عنهم سياسيا واقتصاديا، ولكل من ينافس ويهدد واشنطن وسادتها وشركاتها وأموالها وأرباحها. بالمقابل يبيّض صفحة الحلفاء.. مثلا، منظمة "هيومان رايتس ووتش" قالت إن التقرير الأمريكي لحقوق الإنسان هذا العام 2018 "يطمس انتهاكات إسرائيل ضد الفلسطينيين".
والسؤال: كيف كان سيبدو هذا التقرير "العظيم" لو أن خصما لواشنطن قام بفصل اطفال عن أمهاتهم ووضعهم في حظائر مسيجة حيث ترتفع أصوات بكائهم دون مجيب ولا معين؟ ماذا سيُكتب عمن يحتجزون الأطفال الرضع ومن بدأوا في الحبو وجميع من لم يبلغوا 5 سنوات، في ملاجئ خاصة بالصغار، مثلما في جنوبي ولاية تكساس؟ أصلا يجدر ويجب السؤال: أية دولة في القرن الـ21 سوى دولة داعش المقبورة قامت بمثل هذا؟
سيقول قائل: ها قد تم الغاء الإجراء الذي يمزق أسر مهاجرين على حدود الولايات المتحدة الجنوبية.. نعم ولكن هناك عقلية وقوى سياسية وبيروقراطية كاملة وأجهزة تطبيق وفرض ومعايير سمحت بهذه الجريمة بل دفعت بها نحو التشكل والتطبيق.. هناك اجتماعات وأبحاث ومداولات جرت ووثائق وتقارير وأوامر وتعليمات تمت كتابتها ومراسلتها ومرت في شبكة معقدة داخل جهاز الحكم، نصت على انتزاع أطفال من أمهاتهم.. الحيوانات في الغابات قلما تفعلها!
هذه البنية التحتية للفعلة الوحشية ما زالت هناك. يكذب من يقول إن القضية كلها ترامب وانفلاته وقراراته. لو لم تكن هناك قابلية وجهوزية في النظام والمجتمع الأمريكي لما حدث هذا. هناك عنصرية وعداء للمستضعفين الجنوبيين، من نفس الدول التي لطالما نهبتها الولايات المتحدة وتحالفت مع المستبدين الفاسدين فيها، تجعل هذه الوحشية نتيجة "طبيعية" لنظام الولايات المتحدة!