news

للحجارة والحذاء فوّهة واحدة

منذ اسابيع والدم الفلسطيني سيد المشهد على مائدة الفضائيات التي أدمنا عليها وعلى مشاهد الموت والخراب فيها، على الرغم من ان تأثيرها على ارض الواقع لا يخرج عن نطاق التنديد والاستنكار فهذا هو اضعف الايمان بعد جرعة المناعة التي حُقنت بها الامة العربية بحكامها ضد كل انواع المقاومة. ولعل مشاهد الدم العراقي في الامس القريب لم تمحى من ذاكرتها التي ظلت اسيرة خلف قضبان الخوف والجبن . واليوم وما اشبه اليوم بالأمس حيث غزة تصرخ وتستغيث لتوقظ ضمير هذه الامة الذي دخل في غيبوبة لم تستطع حتى صرخات الاطفال والامهات الثكالى ان توقظه . فبعد ان سقطت القطرة من جبين العالم ظل يدور حول نفسه للبحث عن مخرج من هذا المأزق بعيدا عن اغلاق السفارات الاسرائيلية او إنهاء كل مكاتب التمثيل لها، او إرغامها على انهاء هذه المجزرة ومحاكمتها عليها بل بقى هذا العالم يدور في فلك الاجتماعات والمؤتمرات العقيمة التي لا تثمر سوى مزيد من الخزي والعار، وكأنهم يرسلون رسائلهم الى اهل غزة ان اذهبوا وقاتلوا وها هنا نحن قاعدون !واليوم وبعد ان وقع المُصاب يتعذر على العالم عقد قمة لوقف هذا النزيف بحجة عدم اكتمال النصاب ! وتتعثر خطواتهم بين قمة كويتية واخرى قطرية واخرى سعودية ومبادرات خجولة من هذه الدولة او تلك التي تطالب بمناقشة مذبحة غزة على (هامش) مؤتمر الكويت الاقتصادي، اي بعد الانتهاء من مناقشة الاسواق المالية واوضاع السوق والمال والاقتصاد تُناقش ورقة مذبحة غزة ! انها حقا مهزلة بكل ما تحمل من خنوع وذل . هؤلاء الحكام الذين جلبوا لشعوبهم الخزي والعار، تلك الشعوب التي احرق حماسها الشوارع والأزقة وهي تنادي لنصرة غزة .
منذ خمس سنوات وبغداد جريحة تنزف دمها على شوارع الموت كل يوم واليوم غزة تُحاصر ويُمنع عنها الغذاء والدواء ويقتل اطفالها ونساؤها وشيوخها بأسلحة محرمة وغير محرمة وبدم بارد امام العالم أجمع وامام مجلس الأمن الأخرس، وكأن جسرا من الدم امتد من بغداد الى غزة . لقد اختلفت الاهداف الشيطانية لكن العدو واحد . فلا يخفى على احد ان تلك الحقبة السوداء الغبية التي حكم بها بوش البيت الابيض جرت الدمار والخراب والحروب على المنطقة ابتداء من كارثة حرب العراق وافغانستان وانتهاء بتلك التركة الهائلة من الخسائر المادية والمعنوية وعلى رأسها تلك الازمة المالية الخانقة . لقد دأب بوش خلال حقبته المظلمة والتعيسة تلك على مصادرة حقوق الشعوب المحتلة في الدفاع عن نفسها بتسميته للمقاومة التي تقوم بها بانها ( ارهاب ) لا بد من القضاء عليه! لكن اختلاف التسمية هذا لم يمحي من ذاكرة التاريخ فصول المقاومة التي غيرت موازين القوى وأعادت رسم الخارطة السياسية. ففي الوقت الذي اصيب العالم بالخرس تجاة مجازر وجرائم بوش كان للحذاء كلمة الفصل الاخيرة التي جعلت بوش يعيد حساباته بكل تلك المفاهيم السابقة ويدرك وهو على ابواب الوداع ان للشعب حقا مشروعا في الدفاع عن نفسه وبكل الوسائل المتاحة امامه حتى لوكانت حذاء !
واليوم وبعد مرور خمسين عاما على ثورة الحجارة نشهد مجازر غزة في معركة غير متكافئة بين سلاح فتاك ومدمر واسلحة محرمة وبين حجارة تترنح بين ايادي الاطفال وهم يشربون كؤوس الموت في كل لحظة امام العالم الذي ظل اسيرا لسكوته وكأنه شيطان اخرس ! لقد دفع اطفال غزة دماءهم ثمنا لفاتورة الاحتفاظ بالكراسي والمناصب لهؤلاء الحكام الخونة الذين سيلعنهم التأريخ ويرميهم في مزابله لتُلقى عليهم الحجارة والاحذية الى يوم الدين . غزة الحبيبة إصبري وصابري حسبُك الله والشرفاء من امة هي (خير امة ٌ اُخرجت للناس ) .

(شفاعمرو)