صدر حديثًا للشاعر سامر خير ديوان جديد بعنوان "لا بدّ للصخر أن ينهزم"، ويقع في 192 صفحة من القطع الوسط. وجاء على غلاف الديوان أنه يحتوي على مجموعة أشعار غزلية أطلق عليها الشاعر عنوان "ديوان يا ظريف الطول".
هذا وتتنوّع قصائد المجموعة الشعرية الجديدة، بين قصيدة التفعيلة الموزونة وقصيدة النثر، بل إن بعضها القليل جاء حتى على نسق الشعر العمودي.
وجاء في كلمة الناشر على الغلاف الأخير للديوان: "منذ ديوانه الأوّل الذي صدر قبل 35 عامًا، وحتى ديوانه هذا، ما زال سامر خير – شاعر التجريب والتجديد –يسجِّل قفزاته الإبداعية النوعِيّة، بين ديوان وآخر. ممّا أهّله أن يحتلّ مكانه، عن جدارة، كشاعر مُجيد ومُبدع، في مسيرة الشعر المحليّة والعربيّة. وقد أشار إلى ذلك نُقّاد وأُدَباء وَباحثون، من بلادنا ومن الوطن العربي، في دراسات ومقالات نقدية عديدة تناولت شعره، وتحدّثت عن أسلوبه الخاصّ والمميّز، خلال أكثر من ثلاثة عُقود من الكتابة والإبداع والنّشر. إنّ قارئ هذا الشِّعر يجده قريبًا إلى القلب، صادِقًا ذكيًّا شفّافًا، بَسيطًا وَعَميقًا، يهُزّ الوجدان، ولا يُشبه إلّا نفسَه. سواءٌ إن كان منظومًا على نسق شعر التفعيلة الحديث أو الشعر العمودي أو قصيدة النثر الحُرّة. وصدق مَن قال إن قارئ شعر سامر خير لا يرتوي إلاّ بعد قراءة المزيد والمزيد منه. لهذا كُلّه وأكثر، يسرُّنا أن نُقدّم هذا الديوان الجديد للقارئ الكريم".
من أجواء الديوان، قصيدة بعنوان "في الطريق إلى طبريّا":
"في الطّريقِ إلى طَبَرِيَّا / الْتَقَيْتُ بِطِفْلٍ مُضيءٍ عَلى شاطئِ اللَّيْلِ / يُدْعى يَسُوعْ / قالَ لي: سوفَ أقطعُ هذي البُحيرةَ مَشْيًا / على حُزْنِها، لا لِأَشْبَعَ بل لِأَجُوعْ / سوفَ أصطادُ خمسًا من السَّمَكاتِ، أكرِّرُها / كالكلامِ الجَميلِ البَديعْ / لا لِأَغْنى / إنّما كي أضيعْ / قلتُ: يا صاحِبي / عِشْ حياتَكَ طَيْرًا عَلى الرّيحِ / أو لَهَبًا في الشُّموعْ / كيفَ لم تنتبهْ أنّهُ / قد هَجَرَتْكَ الجُموعْ؟".
ومن قصيدة النثر هذا المقطع من قصيدة بعنوان "على الريح.. في حيفا":
"هُنا نَبَتَتْ أمنياتُ الخُطى قَبْلَ ماضي الآثار / هُنا نَشَأَ الحُبُّ بُرْعُمًا يَتَدَحْرَجُ على سُفوحِ النُّهود / هُنا الليلُ كانَ مرسًى والنهارُ كانَ سَفينة / كَيْفَ اخْتَفَتْ أصابعي وَبَقِيَ المَلْمَس؟ وكيفَ / سَكَتَ لِساني عن الحَرْثِ وَبَقِيَ طعمُ النُّجُوم؟ وَأَيْنَ / الأبَدُ الذي كانَ أقْصَرَ من هَمْسَةٍ بينَ جَسَدَيْنا؟ وأينَ / الوَقْتُ العابِرُ الَّذي كانَ أبْعَدَ مِن يَوْمِ القِيامَة؟ وأينَ / وُعُودُ الرّيحِ للشّراعِ الّذي سَكَن مثلَ شَيْخٍ يتأمّل؟ وكيفَ / بُحّ صوتُ الرُّعودِ مثلَ مَطَرٍ راكِد؟".
وأيضًا هذا المقطع من قصيدة "في القطار السريع":
"في الْقِطارِ السَّريعِ إلى تَل أَبيبْ / مِنْ مَحَطَّةِ عَكَّا / قُبَيْلَ شُروقِ اللَّهيبْ / صَعَدَ البيضُ والسُّودُ مِنْ عَرَبٍ وَيَهود / غَريبًا يُلاقي الغَريبْ / قَدْ يكونُ أَجانِبُ قَدْ صَعَدُوا بَيْنَهُم خِلْسَةً / .. كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تُمَيِّزَهُمْ / في محطَّةِ عَكّا / دَقائِقَ قَبْلَ شُروقِ اللَّهِيبْ؟".
ومن القصائد الغزلية المستحدثة، هذا المقطع من قصيدة "غزلراب":
"في الصباحْ / حين أنهضُ بَعْدَ الصّباحْ / لا أفتِّش عن أيِّ شيءٍ مَضى/ بل أفتشُ عن وردةٍ من رِياحْ / للحبيبةِ خلفَ الرِّماحْ / لا عدوٌّ سِوى كَسلي / في الصباحْ / ألحبيبةُ كانت هنا / جَعَلَت من زقاقي سَماءْ / حينَ قالَتْ: / لَكَ ما لا تَشاء / أو تَشاء / وَلَكَ الثَّلجُ ماءْ / ما تشاء / وَالعَواصِفُ عِطْرُ هواءْ / إذ تَشاءْ / وَلَكَ البُعدُ دانٍ / لكَ القُربُ ناءْ / مَا تشاءْ / يا سليلَ البَهاءْ / يا دَليلَ الهَباءْ / يا عليلَ الدَّواءْ / ولكَ الطبُّ داءْ / إذ تشاءْ / لا تُغادِرْ عُيُونِي / بِلا صُدْفَةٍ لِلْمَساءْ / لا تُهَاجِرْ كَطَيْرٍ / بِلا وَطَنٍ في السَّماءْ".
وأيضًا هذه القصيدة القصيرة التي استهلّ بها الشاعر ديوانه الجديد:
" في الْخَمْسِينَ مِنَ العُمْرِ / بَعِيدًا عَنْ فَجْرِ غُرُوبِي / أَحْمَدُ رَبِّي الْغَفَّارَ / عَلَى أَخْطَائِي وَذُنُوبِي /
مَاذَا كُنْتُ سَأَفْعَلُ لَوْلاَها / الْآنَ.. بِنَارٍ في قَلْبِي / أَجَّتْ مِنْ غَيْرِ لَهِيبِ؟ / ... / شُكْرًا شُكْرًا يا رَبِّي وَحَبِيبِي!".
من الجدير بالذكر أن غالبية قصائد الديوان لم تُنشَر من قبل. وهذا الديوان الجديد صادر عن دار النشر "مكتبة كل شيء – حيفا"، لصاحبها الأستاذ صالح عباسي. ومن تصميم شربل الياس. وهو الديوان الرابع عشر للشاعر منذ أول مجموعة صدرت له في العام 1988 في مدينة الناصرة في الجليل.
إضافة تعقيب