يا ولدي ..
ولدتك على مصطبة البيت
في آخر الليل الطويل
وكان قد شارف ان ينفذ الزيت
من زجاجة القنديل
وشعلة حمراء ترقص
على قمة الفتيل
***
يا ولدي ..
يومها بكيت بكاء بصوت حنون
مثل كل الأطفال الذين يولدون
وكان لك مثلهم أنف صغير وعيون
وكان لك مثلهم جبين صبوح وجفون
وارتشفتَ حليبك من صدري مثلما
فعلوا
ويفعلون ..
***
يا ولدي
عشتَ ..
في حضني المسحور
تتنفس عبق السنابل
وتتحسس براحتيك
تشققات راحتي
من زغزغات المناجل
و تتدفأ بلهاث
أنفاس شوقي أليك
عند عودتي من المشاتل
***
يا ولدي ..
بعد مولدك بسنين
لم نفتح الخوابي
اجتاحت أرضنا
جماعات من فلول التاتار
تعبد لهيب النار
فنشرت في البلاد الدمار
وصلبوا الأرض
ومنعوا عنها البذار ..
وبقيت فرسنا محبوسة في الدار
وكسا جاروشتنا الغبار
وبعدها هجَّرونا الى قفار
لا تعرف إلا جوع الغربة
ودموع الجمار
***
يا ولدي..
كبرت معي على الحنين إليها ..
الى بلاد كان فيها ..
حكايات سمر الغمّارات
مع جبين القمر
خطفِ "الزِرْعي" للحبِّ
وقت البَذِر
" التقييل " في فَيَّة
"زعرورتها "
وقت الظهر
***
يا ولدي ..
أمشِ على لهيب الجمر
أسبح َضد تيار النهر
أكدح بكوفيتك الصخر
حتى تصل الى ما وراء
الوصايا العشر
هناك ..
ستلتقي بحورية ستقول لك
أنها من بيسان
تحمل بيدها زهرات الياسمين
وآكاليل الغار
وامشِ معها في درب الحنين
فيه زعتر على الشمال
وسرّيس على اليمين
وأمامكم باب الدّار
وخلفكم أيام الترحال
(عرعرة)
إضافة تعقيب