جدعون ليفي
هآرتس- 26/12/2019
* معظم وسائل الإعلام الاسرائيلية واليسارية تتجند دون ضغط من الدولة من أجل خدمة الرواية الرسمية وإخفاء جرائم الاحتلال ولو لم تخُن دورها لكان الاحتلال قد انتهى منذ أمد *
كان هذا هو العنوان الرئيسي لـ "يديعوت أحرنوت": "الشيطان من جامبيا والمدعية من لاهاي". وكان هذا هو العنوان الرئيسي لـ "يسرائيل هيوم" في اليوم التالي: "أسرار لاهاي كُشفت: كهذا ساعدت "بيتسيلم " المدعية".
الصحف الاسرائيلية تتجند بكامل نشاطها في خدمة الرواية- تنتقل من مرحلة الطمس والإخفاء إلى مرحلة التحريض وإلهاب المشاعر، من ذر الرماد في العيون إلى القاء الوحل. لاهاي انتصرت. إذا كانت الصحيفتان الكبيرتان في الدولة قد دخلتا إلى مرحلة الاستعدادات الوضيعة، فإنها أصابت النقطة الصحيحة. كلما أصبح التحريض هائجًا أكثر، فإن ذلك يعني أن اسرائيل موجودة في حالة تيه مُطلق، انظروا إلى صحفها. ليس هنالك إجابة على لاهاي، ولن تكون، ما تبقى هو التحريض.
"يديعوت أحرنوت" معروفة باهتمامها الشديد بما يجري في العالم وخاصة في غرب افريقيا. ليس هنالك يوم دون تقرير وتحليلات ممتعة عن القارة، في يوم الاثنين وصلنا إلى جامبيا، المقالة الكاملة غدًا، احجزوا الصحيفة من بائع الصحف. المدعية في لاهاي عملت كوزيرة قضاء في جامبيا في فترة حكمها بأيدي طاغية. باتو بنسودا اُعتبرت كصديقة لإسرائيل، ورد في الخبر، ولكن الآن عندما توصلت إلى استنتاج إلى أنه هنالك مجال للتحقيق فيما إذا كانت اسرائيل قد ارتكبت جرائم حرب، يجب تذكيرها بماضيها.
لقد فُتحت أبواب جهنم لصحف الدولة، والتي دائمًا تعرف ماذا يتوقعون منها أن تعمل. الصحيفة ستجعل المدعية تلعن اليوم الذي تجرأت فيه على فتح فمها؛ عليها أن تسأل ريتشارد غولدشتاين ماذا يمكن للدعاية الاسرائيلية ان تفعله بمن تريد الاساءة له. الآن سنذكّر بنسودا بمن خدمته، ديكتاتور كانت لديه حتى وحدة تصفية، وهو أمر لم يُسمع مثله في اسرائيل. وفي نهاية الخبر: "العديد من الأشخاص الآخرين، بما فيهم نشطاء حقوق انسان، يعزون لها فضل أنها عملت الكثير من أجل النساء ومن أجل حقوق الانسان حتى تحت سلطة الديكتاتور، وحسب تقارير عديدة فإن كونها تسعى للعدالة وتعمل من أجل حقوق الانسان أغضب جدًا الديكتاتور الذي عزلها أخيرًا من منصبها". هذه هي "الأسرار الظلامية" لبنسودا، القصة الكاملة غدًا.
"أسرار لاهاي" تكشف "اسرائيل اليوم": بيتسيلم ومنظمات حقوق انسان أخرى قامت بدورها ونشرت تقارير عن دور جهاز القضاء الاسرائيلي في شرعنة جرائم الاحتلال. "حملة نزع الشرعية"، هكذا ُتسمي ذلك الصحيفة التي تضع نفسها في خدمة الدعاية، والمعروفة باهتمامها الشديد بمكانة المحكمة العليا.
في مكتب وزير الدعاية جلعاد أردان، بالتأكيد هم راضين. الصحف في جيبهم. يدًا بيد يخطون معًا، الإعلام والدعاية، عندما يمس الأمر بمنتقدي الدولة. الصحف التي بالكاد ذكرت مذبحة التسعة من أبناء عائلة السواركة من غزة، ستنتقد بسرور"لاهاي" خدمةً للدعاية. صحف توجت عضوة البرلمان الفلسطيني خالدة جرار بلقب المسؤولة عن قتل رينا شنراب، دون أن يظهر هذا الأمر ولو تلميحًا في لائحة اتهامها، تعرف روح قرّائها. جيرمي كوربن هو لاسامي، وبنسودا هي مستشارة للشيطان. الحكومة، الجيش، الكتّاب والقرّاء كلهم يريدون هذا الدم، دم بنسودا، دم المحكمة في لاهاي، دم بيتسيلم، دم كل من يتجرؤون على انتقاد اسرائيل، أردان يمكنه إغلاق مكتبه، هنالك ما يكفي وسائل الإعلام الاسرائيلية التي تقوم بالعمل من أجله.
هذا هو الإعلام اليساري. هذا هو الإعلام الذي لولا أنه خان وظيفته فلربما كان الاحتلال قد انتهى منذ أمد. منذ سنوات طويلة وهي تخفي جرائم الحرب والاحتلال، وتخاف أن تُغضب مشاهديها وقرّائها في ساعات راحتهم، الآن حيث أن الجرائم من شأنها أن تُكشف في المؤسسة الأكثر صلاحية لمناقشتها، تتجند وسائل الإعلام لتشويه كل من يشارك في الجريمة.
الحكومة لا تضغط عليها للقيام بذلك، ولا الجيش أو أجهزة الأمن. الأخطر من ذلك: هي تفعل ذلك من تلقاء نفسها، فقط من أجل أن ترضي زبائنها، أو بكلمات أخرى من أجل الجشع. الشيطان من جامبيا: نحن لدينا مشكلة مع ريشون لتسيون.
إضافة تعقيب