هآرتس- 7/4/2020
*من يساعد في عملية الضم، لم يضع اسرائيل قبل أي شيء بل بعد كل شيء. وليس هكذا يتصرف القوميون المحبون الصادقون للبلاد والوطن، بل هكذا يتصرف خدام الالهة الذين يقدسون الكلام والحجارة بدلا من تقديس الانسان*
فيروس الكورونا يخلق ازمة وطنية وصحية واجتماعية واقتصادية وانسانية في معظم دول العالم، ومنها اسرائيل. شيوخ يموتون ومستشفيات مكتظة ورجال اعمال مستقلون يفقرون والعاطلون عن العمل يزدادون والاقتصاد يقف ساكن واليأس يدخل الى كل بيت. الحديث يدور عن زمن طوارئ حقيقي من أشد الاوقات التي عرفتها الدولة، وهو يحتاج الى وحدة الصفوف وتركيز الجهود ووضع المواضيع غير الضرورية جانبا.
ما هو اذا الامر الاكثر الحاحا بالنسبة لبنيامين نتنياهو وكتلة اليمين في زمن الطوارئ هذا غير المسبوق؟ الضم، وبجدية. ما الذي يقف على رأس اولوياتهم وعليه يعتمد كل شيء، هو تغيير الوضع القانوني في غور الاردن والكتل الاستيطانية، بالضبط الآن.
الطلب الاخير الذي عمل حتى الآن على تأجيل تشكيل حكومة طوارئ وطنية، غير المعقولة جدا والضارة الى درجة أنها تغذي الشك بأن الامر يتعلق بمناورة خداع، وسيلة ناجعة لاحباط تشكيل نفس الحكومة التي يدعي نتنياهو بأنها ضرورية جدا، لكن لم يرغب فيها في أي يوم. قضية الضم، يعتقد نتنياهو، ستمنع ايضا تشكيل حكومة وستعطيه عصا قاتلة ليضرب بها خصومه في جولة الانتخابات الرابعة التي ينوي اصلا اجراءها طوال الوقت.
التفسير البديل يثير غضب اكبر: نوايا نتنياهو صادقة. هو يريد تشكيل "ارثه"، يقول المقربون منه. وهو يستغل فرصة نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي من شأنها حسب جميع الدلائل المتزايدة، أن تكون الولاية الاخيرة. هكذا هم يريدون انقاذ ارض اسرائيل: ليس بالآلام بل بالخداع، مع رئيس مكروه ومرفوض وتحت رعاية مرض فظيع يسود في العالم. سنستغل الوقت المناسب، يقولون في اليمين، حيث يكون فيه الاغيار، وربما حتى الرأي العام في اسرائيل، ينشغلون في امور اخرى.
أي أنه في الوقت الذي تكون فيه اسرائيل بحاجة الى كل مساعدة والنية الحسنة في أن العالم سيكون مستعدا لمنحها اياها، تقوم بالبصق في وجهه. قبل بضعة اشهر من الدخول المحترم لرئيس ديمقراطي الى البيت الابيض ستوجه اليه ثلاث اصابع، بالضبط عندما سيبدأ الاتحاد الاوروبي، الشريك التجاري الاكبر لاسرائيل، في النهوض واعادة حساباته من جديد، اسرائيل لن تراه عن بعد متر ولا تحسب له أي حساب. وفقط عندما يعود المجتمع الدولي ومؤسساته الى العمل ستقدم لهم اسرائيل قضية مغلقة ومحاكة بشكل جيد لانتهاك القانون الدولي.
في الوقت الذي فيه اسرائيل بحاجة الى استقرار اقليمي مثل الهواء للتنفس، ستخنق اتفاق السلام مع الاردن. وفي الوقت الذي يشكل فيه الكورونا من جديد الواقع، وربما ايضا العلاقات بين الاسرائيليين والفلسطينيين سيقوم اليمين بزرع عبوة جانبية على الطريق. وفي الوقت الذي فيه اسرائيل بحاجة أكثر من أي وقت مضى الى التضامن والضمانات المتبادلة، نتنياهو واصدقاءه سيقسمون الشعب وسيثيرون العداء والبغض وسيحرفون الطاقة المطلوبة لمكافحة الوباء الى تأجيج المواجهات الداخلية والانقضاض على العالم اللاسامي الذي يعارض هذه الخطوة.
ضم الكتل الاستيطانية الى اسرائيل سيفيد في مكافحة الكورونا مثلما افاد نقل السفارة الأميركية الى القدس والاعتراف بسيادة اسرائيل في هضبة الجولان، أي مثل كؤوس الهواء للميت. ارض اسرائيل يتبين، أنها مهمة ليس فقط أكثر من دولة اسرائيل، بل ايضا أكثر من سكانها، الذين سلامتهم ومنعتهم ستقدم كقربان لملك المستوطنات والسيطرة الخالدة على الفلسطينيين.
من يساعد في هذه العملية، أولا بيني غانتس نفسه، لم يضع اسرائيل قبل أي شيء بل بعد كل شيء. ليس هكذا يتصرف القوميون المحبون الصادقون للبلاد والوطن. هكذا يتصرف خدام الالهة الذين يقدسون الكلام والحجارة بدلا من تقديس الانسان. ومع ذلك، هم يسيرون بيننا وكأنهم صدّيقو الجيل.
إضافة تعقيب