نتنياهو أطلق تهديدا بالتلميح نحو قضاته امام العدسات. والى جانب العملية التي كانت ذروتها تسجيل اقوال مستشار غانتس، يبدو أنه في اسرائيل تعمل مافيا باسم "كوزا بلفور"
الجملة الاكثر اهمية في المقابلات التي أجريت مع رؤساء الاحزاب أمس السبت، لم يتم قولها في سياق سياسي، وربما ذلك بسبب حمى الاستطلاعات التي تظهر بأنه على بعد خطوة من الفوز الذي سيكون ليس أقل من مدهش، وربما أن هذا هو مجرد سوء تقدير برعاية البث المباشر. وعلى أي حال، ما قاله المتهم بنيامين نتنياهو في ستوديو "واجه الصحافة" كان مدهشا. عندما سئل عن محاكمته الوشيكة عاد وكرر بأنه يحترم المحكمة، لكنه بعد ذلك تحفظ وقال "لقد كتبوا عن القضاة بأنهم يساريين تم اختيارهم بعناية. وأنا أنتظر نفي ذلك".
بعد أن كرر عشر مرات في دقيقة غانتس وبيبي، فجأة خطرت بباله هذه الجملة الافتتاحية. وهي الجملة التي تذكرنا على ماذا تجري هذه الانتخابات: وجه اسرائيل، هويتها وطابعها كدولة ديمقراطية، دولة فيها الجميع متساوون امام القانون.
المقاعد الـ 61 التي يسعى اليها نتنياهو، ربما سيصل اليها اذا استمر توجه الايام الاخيرة بصورة أقوى حتى الغد، استهدفت أن تضع في يديه فأس لتحطيم العمود الفقري لجهاز قضاء خائف ومهدد ويهاجم بشكل مستمر.
إن تشبيهه بالديكتاتور التركي، رجب طيب اردوغان، الذي تم الصاقه به من قبل كحول لفان، مبالغ فيه وليس في محله. ولكن حول أمر واحد لا يمكن النقاش. حتى اذا كانت لنتنياهو حدود، فقد رأينا كيف يمحوها ويسحبها وراءه مرة تلو الاخرى في السنوات الاخيرة. هذا ايضا على الصعيد القانوني والصعيد السياسي.
سلوكه اثناء الحملة الانتخابية، وبالاساس في الحملة التي ستنتهي في الغد، هو دليل حزين آخر على ذلك. محاكمة كهذه ومزاج كهذا اللذان يجعلانه يهدد بشكل علني قضاته، هي اردوغانية في تجليها، مافيا في أبهى صورة، ربما لا تكون مافيا، حتى رؤساء منظمات الجريمة لا يتجرأون على التحدث بهذه الصورة.
بالمقارنة مع اللقب المعروف للمافيا السيشيلية يمكننا القول بأسف إنه في اسرائيل يوجد الآن "كوزا بلفور". في نهاية الاسبوع الماضي اطلعنا على العملية التي جرت خلف تسجيل اسرائيل بخر، المستشار الاستراتيجي لبني غانتس. المسجل، الحاخام الذي أجرى مع بخر "محادثة خاصة"، استدرج بخر الى النقطة الصحيحة، الى أن وصل الى الجمل الاساسية المطلوبة، حيث كان يوجد في جيبه جهاز للتسجيل. هذا الحاخام هو غاي حفورا، المقرب، حسب ما نشر، من محامي نتنياهو عميت حداد. وبالصدفة المدهشة فان نتنياهو نفسه التقى مع هذا الحاخام قبل يوم من نشر التسجيل عندما صادف تواجده في مدرسته الدينية.
الحاخامات ليسوا نفس الحاخامات الذين كانوا لدينا ذات يوم. هم يدخلون الى السجن ويخرجون منه، يسرقون ويحتالون ويبتزون ويرتكبون المخالفات الجنسية، وايضا يهددون ويرسلون زعرانهم. وكل ذلك باسم الله بالطبع. اشخاص ساذجين، واحيانا اغبياء يجدون انفسهم في ورطة، يأتون اليهم من اجل طلب الاستشارة. وهذا ما قاد بخر الى الحاخام.
في التسجيل المهم سمع الحاخام وهو يستدرج بخر، "حبيبي"، حسب تعبيره، ويخرج منه جملة أن غانتس يخاف من مهاجمة ايران. وأن عدم مهاجمتها سيشكل خطرا على اسرائيل. واذا كانت الحاخامية مقيدة بشرف المهنة فان هذا الحاخام (حفورا) كان يجب حرمانه على الفور من لقبه. وربما كان سيجد عملا له وهو كعميل للشرطة.
مقابل تسجيلات بخر، ظهر في يوم الخميس ستة رؤساء للموساد والشباك، الذين في معظمهم عملوا مع نتنياهو كرئيس للحكومة خلال الـ 14 سنة التي عمل فيها، جميعهم حذروا منه. ايران هي مجال الموساد، ولسبب ما لا يوجد لدينا رئيس حي للموساد يمكنه قول كلمة جيدة عن رئيس حكومة اسرائيل. ايضا رئيس الموساد الميثولوجي، مئير دغان الراحل، ترك لنا وصيته المعروفة حول نتنياهو منذ سنوات، وقد كانت لا تقل عن ذلك قسوة.
حسب الاستطلاعات، الليكود تلقى الزخم مؤخرا، في حين أن كحول لفان وجد نفسه في عاصفة كاملة: مقابلات غير ناجحة لغانتس في الاسبوع الماضي، تسجيلات اشكنازي، التحقيق مع شركة "البُعد الخامس"، عاصفة بخر والخلل الجديد في التسلسل: تصريح عمير بيرتس بأنه اتفق مع غانتس على تشكيل حكومة اقلية بدعم القائمة المشتركة.
غانتس نفى وجود هذا الاتفاق. فما الذي جعل بيرتس يقدم هذه الحلوى الدعائية لليكود قبل ثلاثة ايام على موعد الانتخابات باستثناء الانتقام من حملة كحول لفان التي أضرت بحزب العمل – غيشر. بيرتس يعتبر نفسه "بالغ ومسؤول" (لقد سبق ورشح نفسه للرئاسة، اذا لم تلاحظوا ذلك)، ولكن هذه الخطوة كانت صبيانية في افضل الحالات.
من الصعب التنبؤ بالديناميكية التي تقف من وراء الاستطلاعات الاخيرة، وهي التي ستقرر النتائج في الغد. في الجانب الاول في الساحة، الليكوديون يتحدثون عن ارض مشتعلة، هستيرية، مفعمة بالتحمس، والتوجه الذي يقرب كتلة اليمين – الحريديم بدون ليبرمان من 3 مقاعد في المتوسط الى الـ 61 مقعد المطلوبة، يستمر بكامل القوة. طوق النجاة المأمول لنتنياهو هو تقريبا لا يمكن وقفه، حسب رأيهم.
وفي الجانب الآخر، استطلاعات اجريت في وقت متأخر من مساء يوم الجمعة أحدثت انقلاب في هذا التوجه. ربما هذه هي القصة المقيتة التي تم التأكيد عليها في الحملة الجامحة لنتنياهو، بما في ذلك حادثة بخر التي أدت الى الرد المضاد. ربما يكون هذا ببساطة استيقاط لناخبي كحول لفان بعد معركة نائمة ومخيبة للأمل ورؤية الكابوس المحتمل الذي يسمى "فوز نتنياهو". الامر الذي لم يضر بالتأكيد بذلك هو حالات ظهور غانتس الاخيرة، بما في ذلك المقابلات التي أجراها أول أمس وأمس، والتي كان فيها هجوميا وحادا وغير متلعثم.
إضافة تعقيب