هآرتس- 7/4/2020
*خلافا لغانتس، يغئال يادين لم يخدع الناخبين ولم يوافق على أن يكون رئيسه متهم بمخالفات جنائية، هذا الشخص الذي حوله الى ضحية للتشهير*
بعد أن دخل باندفاع جنوني الى حكومة المتهم من بلفور، كان هناك من شبهوا بني غانتس بيغئال يادين، الذي كان جنرال مرموق – قاد بالفعل الجيش الاسرائيلي في حرب الاستقلال (كان ضابط العمليات في الوقت الذي كان فيه رئيس الاركان يعقوب دوري مريض)، ونجح في الوقوف أمام بن غوريون، وكان هو رئيس الاركان الثاني في الجيش الاسرائيلي. في العام 1976 بعد مرور 25 سنة على تركه للجيش الاسرائيلي ومسيرته الناجحة في علم الآثار – دخل الى الحلبة السياسية بصفته المخلص. الكثيرون اعتبروه مثل ديغول الاسرائيلي.
لقد شكل مع امنون روبنشتاين حزب "داش" (الحزب الديمقراطي للتغيير)، وانضم الى حكومة مناحيم بيغين التي كان فيها ايضا نائب رئيس الحكومة. في الحكومة كان وضعه لا يحتمل. د. باروخ ليشم الذي قال قبل فترة قصيرة في مقال نشره في "واي نت" بأن غانتس يمكن أن ينهي حياته السياسية مثل يادين، شرح بأن يادين "بقي بدون جبهة داخلية سياسية، لأن مصوتيه عادوا الى المعراخ. تهذيبه وثقافته اعتبرت ضعف وتم سحقه على أيدي رجال الليكود في حينه".
خلال فترة توليه لمنصبه تحول يادين الى شخصية يستهزأ بها (اعتادوا على اعطائه صفة دمية)، لذلك فقد غاب عن الساحة السياسة بسرعة كبيرة. بعد ولاية واحدة هرب وعاد الى صومعته في الجامعة العبرية. وهكذا ستكون ايضا نهاية غانتس، رئيس الاركان الـ 23، حسب اقوال ليشم.
ولكن المقارنة بين الاثنين لا اساس لها من الصحة لعدة اسباب منها أن غانتس قد أعلن مرة تلو الاخرى بأن هدفه هو استبدال نتنياهو، وأنه لا نية له للانضمام الى حكومة يترأسها شخص متهم بمخالفات جنائية خطيرة. قبل ساعات من نقل السيطرة في الكنيست الى الكتلة التي ترأسها – حطم غانتس هذه الكتلة الى شظايا ومنح ذاك المتهم سلطة خالدة مقابل عصيدة ووعود فارغة. وخلال ذلك قام بخداع مليون مصوت صدقوا وعوده.
قصة يادين كانت مختلفة تماما. فحزبه لم يكن ينوي التنافس على كرسي الرئاسة، بل هدفه كان متواضع اكثر: تشكيل كفة الميزان التي يمكنها أن ترجح أحد الحزبين اللذين تنافسا على رئاسة الحكم – المعراخ برئاسة شمعون بيرس والليكود برئاسة مناحيم بيغين. نتائج الانتخابات للكنيست التاسعة في 17 أيار 1977 التهمت اوراق داش. بيغين نجح في تشكيل حكومة اقلية مع المتدينين بدون مقاعد داش الـ 15. هكذا فقد اعضاءه سلاحهم الرئيسي.
مقابل هذا الواقع اضطر داش الى اتخاذ قرار حاسم وهو الانضمام الى الحكومة أو البقاء في المعارضة. مجلس الحزب – داش كان حزب ديمقراطي وليس حزب زعيم واحد – قرر الانضمام الى حكومة بيغين بعد نقاش حاد وصعب. اربعة اعضاء من الحزب اصبحوا وزراء، منهم يادين. وبعد بضعة اشهر تحطم الى شظايا من القوائم. يادين بقي في منصبه حتى نهاية الولاية في آب 1981 – كان رئيس احدى الشظايا التي شملت ثلاثة اعضاء.
الحديث يدور عن قصة محزنة، لكن يادين لم يخدع ناخبيه ولم يمنح بيغين رئاسة الحكومة، خلافا لغانتس.
السبب الثاني الذي اعتبر المقارنة بين يادين وغانتس غير صحيحة، هو حملة التشهير التي ادارها نتنياهو ضد غانتس. عندما تبين له بأن غانتس ينوي التنافس على رئاسة الحكومة قام بتحويله الى ضحية لحملة تشويه قذرة يمكن تشبيهها بالتحريض ضد اسحق رابين. في اطارها تم التشكيك بأداء غانتس اثناء توليه رئاسة الاركان، والتشكيك بقدرته العقلية وحالته النفسية. وأطلقت في الاجواء اشارات عن علاقات حميمية كانت له، كما يبدو. الحديث يدور عن تشويه سمعة منهجي استهدف المس الشديد بصورته العامة. والآن، ضحية التحريض هذا مستعد لقبول رئاسة من قام بالتحريض عليه.
في المقابل، العلاقة بين بيغين ويادين كانت مختلفة تماما. بيغين احترم يادين واعتاد على الاشارة بتفاخر أن نائبه هو "العسكري المبجل في حرب الاستقلال". وبيغين ابقى يادين في منصبه وحافظ على احترامه حتى عندما فقد قوته السياسية.
السبب الثالث الذي يجعل هذه المقارنة مرفوضة يكمن في حقيقة أن غانتس قام بالغاء المبادرة الى سن قانون استهدف أن يمنع متهم بمخالفات جنائية من تشكيل حكومة. والآن سيؤيد سن قانون يسمح لمتهم بأن يكون وزيرا في الحكومة –خطوات تحول مفهوم سلطة القانون الى نكتة مشوهة. يادين لم يضطر الى مواجهة وضع كهذا لسبب بسيط وهو أن بيغين كان شخص مستقيم مثل المسطرة، ومتواضع وعقلاني، ولم يخطر بباله في أي يوم أن ينظر الى المال العام مثل البقرة الحلوب.
اذا لا يوجد أي اساس لتشبيه غانتس بيادين، أو تشبيه علاقة غانتس ونتنياهو بالعلاقة بين بيغين ويادين. مغزى الخطوة التي قام بها غانتس تم وصفه جيدا في الاقوال التي كتبها يشعياهو لايفوفيتش في مقال له بعنوان "بعد قبية"، الذي نشر في العام 1953 وجاء فيه: "ربما يكون هناك عمل يمكن تفسيره وتبريره وحتى شرعنته، لكنه مع ذلك يكون مذموم.
إضافة تعقيب