(المضمون: هناك فرصة الآن لسن قانون يمنع نتنياهو من تشكيل الحكومة القادمة. لذلك، يجب اضاعتها بحجة أن هذا القانون سيعتبر "قانون شخصي" موجه ضد نتنياهو. ولكن اذا تم تفويت هذه الفرصة فلن تفيد بعدها الدموع أو الندم لحراس العتبة بسبب عدم استغلالها - المصدر).
الأرواح الديمقراطية جياشة. وهي تقول لنفسها بأنه لا يمكن سن قانون يستهدف أن يضر، أو ينفع، شخص معين أو شركة أو جسم أو حركة. القانون يجب أن يكون مساويا للجميع لصالحهم أو ضدهم. واذا ارادوا اقصاء رئيس الحكومة يجب فعل ذلك بطرق برلمانية وليس عن طريق تشريع. إن القانون الذي يهدف الى منع رئيس الحكومة المحاط بثلاث لوائح اتهام من تشكيل الحكومة تم اعتباره فجأة بأنه قانون شخصي، لذلك هو غير ديمقراطي.
من المهم بالذات أن القانون الفرنسي يعجب بنيامين نتنياهو، رغم أنه اذا تم سنه فسيكون قانون شخصي لا مثيل له. رئيس الحكومة هو كيان محدد، شخص، خلافا للاقلية العربية التي تم سن قانون كمنتس وقانون القومية ضدها. كم يجب أن يكون القانون شخصي من اجل عدم اعتباره قانون شخصي؟ هل يكفي أن يتطرق القانون لشخص باسمه أو يكفي أن يتم توجيهه لوظيفة معينة؟ هل قانون من اجل أو ضد طائفة معينة، حتى لو لم يتم ذكر اسمها، يعتبر قانون شخصي، أو أنها ستحظى بالفعل بغطاء "القانون العام"؟.
إن الاشمئزاز من القانون الشخصي هو شعور صحي ومحق، حتى في حالة نتنياهو، ولكن ليس بسبب أنه سيثير مؤيديه ويزيد قوتهم في الانتخابات القادمة وليس بسبب "الحرب الاهلية" التي سيثيرها. ومن يبرر بهذه الصورة معارضة فهو مثل من خضع للارهاب السياسي والقانوني الذي يثيره نتنياهو. وبعد كل ذلك ما هو المتوقع من استخدام نتنياهو بامتعاض لهذا التشريع من اجل مواجهة "الضرر الذي يلحق بالديمقراطية"؟ وبالأحرى طالما أنه يحظى بافتراض البراءة، والاكثر دقة، طالما أنه بريء؟.
ولكن خلافا لادعاء نتنياهو ومن يعارضون القانون المقترح، هو يضع امام الديمقراطية الاسرائيلية معضلة الديمقراطية الدفاعية. القانون الذي يتم الحديث عنه لا ينفي افتراض براءة نتنياهو ولا قدرته على الدفاع عن نفسه في المحكمة، الهدف هو أن يسحب منه صلاحية تشكيل الحكومة طالما أنه في وضع المتهم بمخالفات يمكنها أن تقرر بأنه لا يستحق ادارة شؤون الدولة. ولكن بسبب أنه في دولة اسرائيل فان حق المتهم في تشكيل حكومة يفوق حق الوزير في ادارة شؤون وزارته في ظل وجود لائحة اتهام ضده. واصلاح هذا الخلل هو حاجة ضرورية من اجل الغاء الوضع غير المعقول الذي بحسبه رئيس الحكومة معفي من الاستقالة من منصبه خلافا للوزراء في حكومته. القانون المقترح لا "يسرق الانتخابات" مثلما يقول ادعاء نتنياهو الكاذب. لا أحد سيسرق المقاعد التي حصل عليها الليكود أو حق الحزب في ترشيح أي عضو آخر لرئاسة الحكومة.
ازاء الادعاء بأن الليكود حصل على ما حصل عليه بفضل نتنياهو وكأنه كانت انتخابات شخصية، يستطيع ليكوديون كثيرون التساؤل هل حزبهم كان سيحصل على مقاعد أكثر لو أنه بادر الى اقصاء نتنياهو من السباق قبل الانتخابات. في الحقيقة هذا تساؤل افتراضي، لكن الامر غير الافتراضي هو حقيقة أن الليكود يعتقد بأنه لا يوجد لديه أي مرشح مناسب عدا عن المتهم.
هذه مشكلة الليكود، لكن الديمقراطية لا يجب عليها الاهتمام بها. بل هي تحتاج الى الانشغال في هذه الاثناء في الدفاع عن نفسها وعن مؤسساتها. هذا الدفاع يلزمها بأن توقف في الوقت المناسب استخدام نتنياهو لقوته كرئيس حكومة من اجل سن القانون الفرنسي أو أن يبني اطار آخر محمي لنفسه يعيق أو يمنع تقديمه للمحاكمة. واذا اقتضى الامر يجب القيام بذلك حتى عن طريق التشريع الذي يسمى "شخصي"، والفترة الزمنية القصيرة المتاحة للديمقراطية قبل أداء اليمين للكنيست وتشكيل الحكومة. الديمقراطية الاسرائيلية التي تظهر مثل السيارة بعد التعرض لحادثة تصادم مباشرة ما زالت لا تفي بمعايير الخسارة الكاملة. وهي ستكون هكذا اذا شكل نتنياهو الحكومة الجديدة. الدموع التي سيذرفها حراس العتبة والندم على عدم استغلال الفرصة في وقتها، لن تكون مجدية.
إضافة تعقيب