news-details

دروس سقوط التجييش والتهويش المذهبي والطائفي| غالب سيف

ونحن في اليوم ال 304 لحرب الإبادة على شعبنا الفلسطيني في "طوفان الأقصى"، وبعد سقوط حوالي ال 50 الف شهيد، بمن فيهم المفقودون، واكثر من 91 الف جريح، وتدمير وتعطيب حوالي 240 الف منزل وشقة، وتدمير المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة وغيرها من الموبقات التدميرية غير المسبوقة والمستنكرة عالميا، وتممها هذا الاحتلال المجرم بقتل الشهيد والقائد الحاج أبو العبد إسماعيل هنية – رئيس المكتب السياسي لحركة حماس - في طهران العاصمة الإيرانية، رغم انه رئيس الوفد المفاوض للوصول الى اتفاقية لوقف هذه الحرب المجرمة، والهادفة وحسب قناعاتي المتواضعة الى تهجير شعبنا من وطننا الذي لا وطن لنا سواه، رغم ان التصريحات الإسرائيلية وغيرها المساندة لها تتحدث عن اهداف أخرى، كلها فرعية ولها بُعِد تضليلي واعلامي، وبالأكيد سيكون تحصيلها بالنسبة للاحتلال حتمي ومؤكد، لو تم لهذا العدوان الاجرامي تحقيق هدف التهجير الترانسفيري هذا، الا ان الصمود الأسطوري لشعبنا الأعزل من النساء والشيوخ والأطفال وغيرهم، قلب السحر على الساحر.

كلنا شايفين ومتابعين سير الاحداث الفظيعة هذه، والتي تدمي القلوب الابية وتعتصر كل الألم الممكن توليده والتي تجعل مشاعرنا يجتاحها كل السخط والغضب، وعقلنا الطاير يقول انه لا بد للقيد ان ينكسر، ومع كل ورغم هذه الاحداث والمآسي والمشاعر، لفت نظري بشكل خاص الاستثمار الهائل للغرب الرأسمالي المجرم وربيبته إسرائيل وخدامها العرب "المعتدلين" الخانعين، بخلق التباين والتمايز والتناقض والفتنة بما يسموه المحور السني مقابل المحور الشيعي، كمشروع فتنوي تفسيخي، وكمجهود غربي استعماري فيه كل عناصر تفتيت وتشتيت هذه القوة العربية والإسلامية، التي قربها وقرابتها مثبتة تاريخيا وحضاريا ودينيا وجغرافيا ، وهي هائلة وعظيمة بكل المعايير، لو توحد نصفها او اقل، حتى مع مجهودهم الهادف والمربح لهم هذا، من تجييش وتهويش طائفي وقومي وديني وحتى إقليمي وغيره.

وعلى سبيل المثال التهويش والتجييش الذي حصل بعد المجزرة الأليمة في مجدل شمس السورية العربية المحتلة، ليكون هذا النوع التجييش شيعي شيعي او درزي شيعي، او ما يجري من تجييش بين السني والسني وكما هو بين الاخوة الفتحاويين والحمساويين وغيره من الأمثلة الكثيرة، المهم لدى ماكنة وآلية فرق تسد الفتاكة هذه، المطلوب منكم يا عرب ومسلمين الا تكونوا موحدين ومتفاهمين، بل وضروري ان تبقوا متناقضين ومشغولين ببعض، لا بل أعداء، ونحن مسموح لنا ان يكون مجهودنا تحقيق شعارنا المركزي في هذه الحرب "سويا ننتصر" ..، هذا المجهود قبل وخلال وسيبقى بعد الحرب، ولكنه جانب هام جدا من حرب الإبادة هذه، لأنه يسهل عليهم الانتصار وإبقاء هيمنتهم علينا وعلى خيراتنا ولنا التشرذم والانكسار والموت والدمار.

ولكن والظاهر بالنسبة للغرب وشلته ان الرياح لا تجري كما تشتهي سفنهم، وبالنسبة لنا كعرب ومسلمين رب ضارة نافعة، او لا تكرهوا شيئا لعله خير لكم، لان استشهاد القائد المرحوم السني إسماعيل هنية، جاء في ايران الشيعية - طبعا استعمال هذه الالفاظ طبقا وحسب توزيعاتهم الفتنوية البغيضة - والأكثر صدمة لهم ولمشروعهم صلاة المرشد العام للثورة الإيرانية السيد الخامنئي – المرجعية الأعلى لدى المسلمين الشيعة، على روح وجثمان الشهيدين إسماعيل ومعاونه، والمشاركة الشعبية الإيرانية العارمة والعفوية والصادقة لمراسيم التشييع، من النساء والأطفال والشباب والفتية والشيوخ. ويكفي ان تنظر لوجوههم المتجهمة والعابسة والغاضبة والحزينة لهذا الفراق، الأليم والمهين لسيادة وطنهم، ورفعهم صور الشهيد أبو العبد، والله انه لأمر جلل، والاهم انه ضربة قاتلة ومميتة لمشروع التجييش والتهويش والتهميش الغربي هذا، اقسم بالله اني وقفت مذهولا ومنبهرا ودامعا امام هذا الموقف الجلل، انه الدرس، انه الرسالة والإيحاء ، الصرخة والنداء، هاكم البوصلة والنور يا عرب ومسلمين وكل احرار العالم، هذا المشهد العظيم والدرس العاتي يقول لنا، اضربوا مشاريع التجييش والتهويش والتهميش واركنوا الى الوحدة النضالية ومصدر القوة والمخرج من الهفوة والغفلة المسيطرة على الأغلبية منا.

اما للمجتمع الاسرائيلي فهي رسالة انذار وتحذير مباشر، اتركوا وظيفتكم المخسرة عند الغرب الذي يريدكم عبيدا وحرسا وجنودا مرتزقة لمشاريعه العدوانية، خيّطوا في غير هالمسلة، لا بل عليكم ان تستفيقوا من جنون القوة العسكرية، اللي ما بتطعم سوى الخبز المرير، ما بقي امامكم سوى اللجوء للقانون والعرف والشرعية الدولية، وغير ذلك، وكما بدأ يستوعبها اكثر من نصفكم ويجاهروا بذلك، ستكونون فاشلين ومنبوذين... ولن يقيدكم تمسك النتن ياهو بالحكم والحكومة ليزمط بريشه، ولا الغرب سيكون الملاذ لأنه يكفي ان تتذكروا ما جرى في فيتنام وأفغانستان والعراق ليكونوا لكم درسا وعبرة، اجنحوا للسلام العادل والشامل.

(كاتب المقال رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية)

5.8.2024 ( يانوح)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب