إن إظهار التأييد العلني لـ»يهدوت هتوراة» لصفقة المخطوفين هو حدث سياسي صارخ، أثار بشكل كبير من الصدق الأمل الحقيقي للتقدم في مسار صفقة المخطوفين. بيان التأييد لـ»شاس» فقط أنهى الحدث. فكما يبدو، الأحزاب الحريدية تمنح نتنياهو التأييد في المكان الذي هو بحاجة إليه، لكن الصورة معقدة ومركبة اكثر مما تظهر.
قبل أي شيء وفوق كل شيء فإن التصعيد في الشمال المشتعل يسيطر على جدول الأعمال ويقرب حربا شاملة مع «حزب الله»، التي بعض وزراء الحكومة يتعاملون معها كحقيقة لا يمكن تجنبها. الحرب الشاملة ضد «حزب الله» ستدفع مرة أخرى صفقة المخطوفين إلى اسفل أجندة الحكومة، حتى أكثر مما كان في فترة هجوم ايران. هذه الحرب ستلتهم كل الأوراق من جديد وستؤجل كما يبدو انسحاب بني غانتس من الائتلاف وستجذب كل الانتباه للساحة في الشمال. مع ذلك، إذا منعت اسرائيل هذه الحرب الفظيعة فإن الصفقة ستعود إلى جدول الأعمال، وبيانات الحريديين ستكون لها أهمية كبيرة فيها.
إذا اردنا أن نكون ساذجين إلى درجة السخافة، وحاولنا تبرير قرارات بعض أعضاء الحكومة لاعتبارات تجارية أو أخلاقية، فإنه يمكن ومن الضروري الإشارة إلى آرييه درعي، السياسي الأكثر قربا من نتنياهو وأحد الأشخاص البارزين في «كابنيت» الحرب في مسألة إعادة المخطوفين. لذلك فإن إظهار تأييده هو أمر طبيعي وتقريبا مفهوم ضمنا.
تصريح اسحق غولدكنوفف، الذي هو رئيس حزب والذي يمتنع عن إصدار تصريحات حاسمة في موضوع الأمن، وميوله الشخصية في السنوات الأخيرة تمس بدون خجل عتبة الكهانية، هو الذي كان مفاجئا واختراقيا. فهدفه في عالم منطقي، وليس العالم الذي يوجد في خلاطة وعي نتنياهو، هو تشجيع على التقدم نحو الصفقة، مع تآكل التهديدات من قبل سموتريتش وبن غفير وإضعاف قوة مساومتهما، وفعليا عزلهما في الحكومة.
في المستوى السياسي، تنتشر تقديرات مختلفة حول موقف الحريديين الحاسم، والعلنية التي أعطيت لهذا الموقف. احد التقديرات تناول تصفية الحساب مع قائمة «الصهيونية الدينية» بسبب تحفظ بعض الأعضاء فيها من قانون الإعفاء من التجنيد. إضافة إلى ذلك فإنه منذ فترة طويلة لا يسود بين مركبات الحكومة الأكثر تطرفا وتدينا في تاريخ اسرائيل نفس أجواء الشراكة والارتباط التي كانت سائدة وهم في المعارضة أثناء فترة حكومة التغيير.
في «شاس» وفي بعض أجزاء «الليكود» يعبرون عن الاستياء واليأس المستمر من بن غفير وسلوكه الغبي والصبياني. في الحزبين الحريديين يوجد أيضا غضب كبير من قضية الانقلاب النظامي التي لم تثمر أي شيء للحريديين عدا كراهيتهم. قانون التجنيد، أي ترتيب التهرب الجماعي هو الهدية المأمولة التي كان يجب أن يحصلوا عليها في ائتلاف الأحلام، يواجه الآن الكثير من الصعوبات.
جهات رفيعة في «الليكود» قدرت أن وجهة نتنياهو هي حقا نحو الصفقة، شريطة أن اسرائيل في الأصل ستستأنف القتال ضد «حماس»، أيضا الحاجة إلى إغلاق أو تأجيل الجبهة في الجنوب من اجل نقل القوات إلى الشمال المشتعل (الطلب الذي طرحه غانتس أيضا في مجلس الحرب). حسب المصادر فإن نتنياهو يقدر أنه رغم تهديد سموتريتش وبن غفير إلا أنهما لن ينسحبا من الحكومة، أو أنهما سيخرجان بشكل مؤقت ويعودان إلى الوزارات التي سيتم الاحتفاظ بها لهما.
هناك إمكانية للتخمين بألا أحد يعرف إلى أين تسير وجهة نتنياهو حول الصفقة، وربما هو نفسه أيضا لا يعرف. في ظل الوضع السيئ الذي تبلور في الشمال فإن الصفقة أيضا لن تكون على رأس اهتماماته. من هنا فإن تصريحات الحريديين يمكن قراءتها كمؤشر آخر على قوة حلف الحريديين مع نتنياهو، الذي هو أقوى من أي علاقة أو أي جسم في الخارطة السياسية. هكذا نحن نلفت انتباه الذين يحلمون أحلام الصيف حول انضمام الحريديين لمرشح آخر طالما أن نتنياهو في الصورة.
هكذا أيضا بخصوص التخلي عن الحريديين في موضوع قانون الإعفاء من التجنيد، أي فرض موقف غير مقبول عليهم، الذي سيؤدي إلى تجنيد واسع. ومهما كان هدف مسرح نتنياهو فإن الأحزاب الحريدية هي شريكة مخلصة له في كل الحالات.
عن «هآرتس»
إضافة تعقيب