news-details

ريش!Feathers

اليوم الجمعة 10/5/2024 الساعة الثامنة مساء في مركز محمود درويش.. الناصرة

إنّها حيرة. ماذا نقول عمّا يحدث لنا الآن؟ ألا ينبغي أن نشير إليه كي لا يبدو عرض (ريش!) وكأنّنا في حالةٍ من حالات الترف؟ ريشٌ طارَ يطير. طائرٌ بريش يطير.
وطائرٌ بريش لا يطير. ريشٌ يتطاير. ريشٌ بألوان الهدهد والطاووس يدفن السماء هشًّا لا يقوى على الهبوط، صلبًا فولاذيًّا يفلت من الأجنحة ويطير ولا يطير، تذروه الرياح فلا يطير. طائرٌ معدنيّ بلا ريش يطير ينقضّ ثم يطير. هل ما يزال الريش مجازًا للطيران؟ ربّما الأقدام هي التي تطير؟ ربّما نحن جميعًا نطير والأرض أضحت نائية؟! ربّما نطير إلى جوف الأرض؟ والريش؟ سمادٌ للأرض أم لقاءٌ مع السماء أم وقودٌ للنار أم تراه حشوة للوسائد؟ حريّة؟... عبوديّة؟... غفوة؟... يقظة؟... ريش!... ريش!... ريش

***

يجسّد عرض الرقص الجديد (ريش!) لشادن أبو العسل حالة حب بين اثنين تحت سقف واحد. أحدهما لا يعي أنّه يستعبد نفسه خدمةً للآخر إلّا عندما تدبّ حياةٌ في كائنات تقوده إلى تحدّي السقف الواحد والجدران والأبواب والنوافذ، ومن ثم إلى تعلّم الطيران كي يواجهنا سؤال قلّما نجرؤ على التفكير به: هل المنزل موطن للأمان أم زنزانة للاستلاب؟ هل مفهومنا الشائع عن المنزل بداهةٌ لا تتزعزع؟

من يتذكر كورونا إذ كشفت لنا في الأوقات العصيبة أنّ المنزل لا أكثر من بئر مظلم طافح بالكوابيس؟ ذلك كان أمانًا كثيرًا ما سعينا إليه وكثيرًا ما استحال سجنًا لأحلامنا.

في اللحظة الحاضرة التي يتشكل فيها وعينا من جديد نكتشف أنّنا لا نعرف إلى أي مدى نحن أحرارًا، لا نعرف فيما لو يمكننا الوصول لمرحلة ننعتق فيها من براثن تلك السلطة الماحقة. نحن لا نعرف، لكنّنا نسأل آخذين في الحسبان أنّ غالبية البشر يهتمون بالحقيقة عندما تدعم حاجاتهم وتتوافق مع أفكارهم وقناعاتهم، لكنهم يتنكّرون للحقيقة لحظة تعارضها مع مصالحهم وآرائهم، ولعلّهم يزوّرونها من وقت لآخر.

***

في عرض (ريش!) تخوض أبو العسل مغامرة جسدية مركبّة، وتعمّق بحثها المعروف في الرقص عبر مزج الرقص مع الحركة المسرحية، فتضيف مفهوم الشخصية (المسرحية) على حركة الرقص.

في هذا العرض الحركي حكاية لا تسردها الحركة، إنّما تتركها أبو العسل كي تتطاير في الفضاء. تعال معنا وتمعّن بالحكاية. تمعّن بها جيّدًا. كائنٌ مدمنٌ على الطاعة. كائنٌ مدمنٌ على الحكمة. ثالثٌ مدمنٌ على السلطة يؤجّجه غضبٌ عاتٍ إذا خالف أحدٌ طبائع إدمانه.. وكائنٌ رابعٌ مدمنٌ على أن يكون دميةً تبعث فينا صورًا من الطفولة شبيهة بدمية باربي التي لا تجيد سوى الاستلاب.

هل تدبّ حياة في الدمية وتغادر وجر الاستلاب؟

يمزج عرض (ريش!) أساليب الرقص مع الأساليب الحركية المسرحية ويخلق لغة أخرى بعناصر يمكن للمشاهد أن يتعرّف عليها ويربطها في حياتنا اليومية رغم أنّها عناصر تنتمي للغة الحدس؛ لغة الرقص المعاصر... نعم، (ريش!) تتجذّر في هذه اللغة!

لكن عرض (ريش!) ليس تراجيديًّا كما يتبادر للذهن. فكثيرًا ما سنضحك ونستحضر نيتشه الذي ربط الفلسفة بالضحك يوم وضع ترتيبًا لمنزلة الفلسفة: "كلٌّ بحسب المكانة التي يحتلها الضحك لديه". وكثيرًا ما سيحفزنا أمبرتو إيكو بقوله "إنّ كنيسة القرون الوسطى كانت تحرّم الضحك، لأنّ الضحك يحرّر الإنسان من الخوف."

للضحك في (ريش!) حضور محوري: سخرية، كاريكاتور، مفارقة، مهزلة.... وشرّ البلية ما يضحك!

يشترك في هذا العرض راقصات وممثلات وممثل ومؤلف موسيقي وسينوغراف ودراماتورغ، وبالطبع قبل ذلك وبعده صاحبة الكونسبت والكوريوغرافي شادن أبو العسل. حضر هؤلاء من كل المدن لصناعة (ريش!): من الناصرة شادن أبو العسل، عنان أبو جابر. من القدس سعيد مراد، وعشتار معلّم. من حيفا ماشا سمعان. من شفا عمرو هيا خورية. ومن العراق وبلجيكا كاتب هذه السطور حازم كمال الدين.

شادن أبو العسل، كوريوغراف، راقصة ومعلّمة. تخرّجت من أكاديمية الموسيقى والرقص في القدس. عملت كراقصة محترفة لعدة سنوات. أسست "مدرسة عايدة للباليه والرقص المعاصر" في مدينة الناصرة، ثم "فرقة شادن للرقص المعاصر"، التي تعتبر الإطار الاحترافي للراقصات والراقصين المحترفين.

قدّمت مع الفرقة أعمالا عديدة، منها "ثلاثية Trilogy"، فيلم الرقص "صدى"، ودويت "نحن روحان حللنا جسدا"، وأيضاً "حين يتذكر الجسد" الذي يبحث في البوست تراوما، أو الصدمة العابرة للأجيال، التي حدثت بفعل نكبة فلسطين، على الجسد.

تميّزت شادن والفرقة أيضا بأعمال صمّمت خصيصاً وعُرضت في الحيز العام مثل "في الطريق"، و"هذا المكان". ولشادن أعمال من تصميمها وأدائها مثل "فقدان"، "على حافة الأبيض" و"روزا". 

في السنة الفائتة 2023، حلّت شادن كمعلمة زائرة على جامعة زيوريخ للفنون في سويسرا، لتعليم طلابهم ريبورتوار الفرقة من عرض "حين يتذكر الجسد"، ولتدريبهم على لغتها الحركية التي تميزها ككوريوغراف

سعيد مراد الموسيقار المقدسي أحد كبار الفنانين الفلسطينيين. نجح في نقل موسيقاه من المستوى المحلي إلى الدولي. أسس الفرقة الفلسطينية الشهيرة "صابرين" التي تحوّلت إلى "جمعية صابرين للتطوير الفني" ولعبت وما تزال دورًا حيويًا في تطوير البرامج التعليمية الموسيقية للأطفال الفلسطينيين. بدءًا من عام 1980 ألّف أعماله لفرقة صابرين ولفرق مسرحية عديدة منها "الحكواتي" و "القصبة"، ولفرق رقص كـ "سرية رام الله" و"جذور بير زيت" وفرق الرقص المعاصر في الناصرة، وكذلك للسينما والرقص الشعبي والمعاصر. من خلال تأسيسه لفرقة "صابرين" أحدث سعيد مراد ثورة في الموسيقى الفلسطينية امتدّ أثرها إلى جميع أنحاء العالم العربي.

ماشا سمعان الممثلة المسرحية والسينمائية الحيفاوية تخرّجت من جامعة حيفا في المسرح وأدب اللغة الإنجليزية، وركزت في دراستها على مبادئ الفن الحديث وتطبيقها على سياقات شخصية وسياسية. لعبت ماشا سمعان أدوارا متنوعة في الإنتاجات المسرحية المحليّة، ولديها خبرات متنوعة في التمثيل امتدت لتشمل العديد من الأفلام. تلقّت سمعان تدريبًا محترفًا كمتزلجة على الجليد منذ طفولتها، وما زالت تمارس البحث الجسدي من خلال الانفتاح على مختلف أنواع الرقص، مما يجعلها تتميز في دمجها لعوالم الحركة والمسرح.

حازم كمال الدين المولود أصلا في العراق مسرحي وروائي وأكاديمي أنجز دراساته في العراق وبلجيكا. متخصص بمسرح الطقوس والحركة، والرقص المعاصر في الشرق الأقصى والغرب، وحراك مسرح "ما بعد الدراما". لدى كمال الدين ما يزيد على الـ 50 عرضا مسرحيا تأليفا وإخراجا وتمثيلا وسينوغرافيا في بلجيكا بشكل مركزي إضافة إلى العراق وكندا وهولندا وانجلترا وغيرها. منذ ربع قرن ينشر كمال الدين أسلوب عمله في ورشات عمل معمّقة في شتى أنحاء العالم. حازت مسرحيته "السادرون في الجنون" على الجائزة الأولى كأفضل نص مسرحي عربي لمسابقة التأليف في "الهيئة العربية للمسرح".

هيا خورية الشفاعمرية راقصة ومدرّبة رقص معاصر في مدرسة عايدة للرقص وهي معالجة وظيفية متخصصة. تلقّت خورية تدريبها في الرقص المعاصر بأنواعه لأكثر من 20 عامًا في مدارس عديدة واشتركت بمشاريع رقص مختلفة لفرقة شادن للرقص المعاصر ولفرق أخرى. من الأعمال التي اشتركت فيها لفرقة شادن للرقص المعاصر "في الطريق"، و"هذا المكان" و"حين يتذكر الجسد". تمارس هيا خورية فنّ الرقص كلغة تواصل وتسعى في السنوات الأخيرة إلى دمج تعليمها الأكاديمي كمعالجة وظيفية والرقص.

عشتار معلّم المولودة في القدس فنانة متعددة التخصصات تركّز على التقاطع بين السيرك والرقص والمسرح. وقد تخرجت من المركز الوطني لفنون السيرك في فرنسا. عام 2019 أنتجت عشتار معلّم أول أعمل منفرد لها "إنهيدوانا" وهو من إخراج إيمان عون وإنتاج مسرح عشتار في رام الله. قبلها، أنتجت مع فادي زمرد العرض الثنائي "حدود-أمر" للسيرك الفلسطيني. اشتغلت مع فرق متنوعة في فلسطين وأوروبا أبرزها الفرقة البلجيكية الشهيرة Les Ballet C de la B. آخر أعمال عشتار معلّم "عوالم" إخراج الفرنسية كليمنت دازين Clement Dazin والفلسطيني أميل سابا.

عنان أبو جابر النصراوي. ممثل مسرحي وسينمائي حاصل على مرتبة الشرف عند تخرّجه بدرجة الماجستير في التمثيل وفنون العرض. لعب في أعمال مسرحية هامة كثيرة أُنتجت في حيفا، والقدس، وبرلين، ورام الله وما تزال العديد منها تُقدّم في يافا، والقدس، وحيفا، ورام الله وبرلين، ومن هذه الأعمال "أمرته الملكة بأن ينسى" عن رواية إلياس خوري "أولاد الغيتو - اسمي آدم". يتميز أبو جابر بعمق فكري روحاني كممثل باحثا في موضوع حدود وقدرات الجسد، وهو مختص بأداء الأدوار التي تتطلب قدرة جسدية وحركية عالية.

ريش!

إنتاج فرقة شادن للرقص المعاصر

كونسبت وكوريوغرافيا شادن أبو العسل

فنانو العرض:

عشتار معلّم، عنان أبو جابر، ماشا سمعان، هيا خوريّة

دراماتورغي حازم كمال الدين

موسيقى سعيد مراد، هندسة الصوت فادي مراد

سينوغرافيا شادن أبو العسل، حازم كمال الدين

تنفيذ الديكور سمير حوّا

تنفيذ الملابس هيفاء كنح

تصميم وتنفيذ الإضاءة محمد شاهين

إدارة البروفات ناتالي نمر

استشارة ومرافقة للعمل ماري أبو جابر

 

ريش!

الجمعة 10/5/2024 الساعة الثامنة مساء في مركز محمود درويش.. الناصرة

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب