news-details

فوز اليسار الفرنسي أعاد تشكيل المشهد السياسي الفرنسي| زهير عثمان حمد

تُعتبر النتيجة التي حققتها الجبهة الشعبية الجديدة نجاحًا تاريخيًا لليسار الفرنسي، خاصة أن الأحزاب الأربعة المكوّنة للجبهة تجاوزت خلافاتها وعقدت تحالفات عاجلة مع بدء حملة الانتخابات التشريعية المبكرة

 

أحدث ائتلاف اليسار الفرنسي مفاجأة مدوية في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية بحصوله على المرتبة الأولى بين القوى السياسية المتنافسة، رغم عدم نيله الأغلبية المطلقة. هذا النجاح التاريخي للجبهة الشعبية الجديدة، التي تشكلت غداة إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل البرلمان، أعاد تشكيل المشهد السياسي الفرنسي.

على امتداد الأسبوع الفاصل بين الجولتين الأولى والثانية، كانت جميع استطلاعات الرأي تمنح اليمين المتطرف المرتبة الأولى بفارق مطمئن عن ائتلاف اليسار، الذي كان يأتي في المرتبة الثانية ثم المعسكر الرئاسي. لكن، مع غلق مكاتب الاقتراع وإدلاء الفرنسيين بأصواتهم، انقلبت الموازين. استطاع ائتلاف اليسار، بفضل التحالف غير المباشر مع معسكر ماكرون، الإطاحة بالتجمع الوطني اليميني المتطرف ومنعه من الحصول على مزيد من الأصوات بعد أن تصدر الجولة الأولى.

تُعتبر النتيجة التي حققتها الجبهة الشعبية الجديدة نجاحًا تاريخيًا لليسار الفرنسي، خاصة أن الأحزاب الأربعة المكوّنة للجبهة تجاوزت خلافاتها وعقدت تحالفات عاجلة مع بدء حملة الانتخابات التشريعية المبكرة. داخل الجبهة، ساعدت الجولة الثانية على تعديل التوازن بين حزب فرنسا الأبية والحزب الاشتراكي. الاشتراكيون، الذين كانوا يحتلون 31 مقعدًا في يونيو 2022م، أصبحوا على وشك مضاعفة أعداد مقاعدهم بتقدير يتراوح بين 63 و69 مقعدًا، مما يجعلهم يقتربون من مجموعة “فرنسا الأبية”، التي تحظى بـ 68 إلى 74 نائبًا.

 

استقطاب الشباب وزيادة المشاركة

استفاد ائتلاف اليسار بشكل كبير من ارتفاع نسبة المشاركة التي لم يتم تسجيلها منذ أكثر من 40 عامًا، ونجح في استقطاب الشباب الذين أظهرت استطلاعات الرأي أن أغلبية منهم منحت أصواتها لليسار. حزب الخضر البيئي نجح في حصد ما بين 32 إلى 36 مقعدًا، في حين سيحصل الحزب الشيوعي الفرنسي على ما بين 10 إلى 12 نائبًا.

ورغم هذا النجاح، يواجه اليسار تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة. عليه أن يتفق أولاً على تحديد مرشحه لرئاسة الحكومة، وخاصة فيما يتعلق بجان لوك ميلينشون، الذي لا ترغب بعض مكونات الجبهة في ترشيحه لهذا المنصب.

 

رسالة عشق وولاء لليسار الفرنسي

في قلب هذه المفاجأة السياسية، يتجدد الأمل في رؤية فرنسا تسير نحو العدالة الاجتماعية والبيئية، وتحقيق المساواة والكرامة للجميع. نحتفل بهذا النجاح التاريخي ليس فقط كنتيجة انتخابية، بل كعلامة على قوة الوحدة والعمل المشترك.

إلى اليسار الفرنسي، نقول إن النضال من أجل قيم الحرية، والمساواة، والأخوة لم يكن أبدًا أكثر أهمية مما هو عليه الآن. نحن، أبناء هذا الوطن، نؤمن بقدرتكم على تغيير مسار التاريخ ونعلم أنكم ستواصلون العمل بكل جد وإخلاص لتحقيق الرؤية التي نطمح إليها جميعًا.

لقد أظهرتم لنا أن التحالف والتعاون هما السبيل لتحقيق الأهداف المشتركة وأن العمل الجماعي يمكنه التغلب على التحديات الأكبر. إن صمودكم وثباتكم أمام القوى المتطرفة يبعث الأمل في نفوسنا، ويجدد إيماننا بأن فرنسا تستحق الأفضل.

فوز اليسار الفرنسي ليس مجرد انتصار انتخابي، بل هو انتصار للأمل، للوحدة، وللنضال من أجل مجتمع أكثر عدالة. نثق بقدرتكم على قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل، ونعلم أنكم ستظلون دائمًا صوتًا للضعفاء والمهمشين. في هذه اللحظة التاريخية نؤكد لكم ولاءنا ودعمنا الكامل، ونعلم أنكم ستظلون أوفياء لقيم ومبادئ اليسار التي نناضل من أجلها جميعًا.

عاشت فرنسا، وعاش اليسار الفرنسي!.

(صحيفة "الراكوبة، السودان)

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب