news

قمّة كوريا وأمريكا.. الكرامة مُجدية!

ن المستبعد جدا جدا في الوضع الراهن  تخيّل مشهد نرى فيه رئيسًا أمريكيًا يلتقي مع ملك أو أمير أو رئيس عربي بالشكل المتكافئ مثلما التقى دونالد ترامب مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. والسبب الرئيس بل الوحيد يكمن في الإجابة على سؤال قصير لكن هائل المضمون والمعنى والأثر: خضوعُ وخنوع أم رفض وإصرار؟
أمام الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية - والتي نأمل لشعبها أن يتخلص من هذه الصفة\الدمغة، بتغيير حكّامه ونظامه - كل من يقول "نعم سيدي" يتحوّل الى تابع خاضع خانع ذليل. هل نذكّر بلقاء ترامب مع ابن سلمان وهو يعرض صورا مكبرة للشيكات التي حصّلها "خاوة" من حكّام الرياض؟ أم استقباله هناك وعودته منها ببضعة مئات مليارات من الدوارات وكأنه عائد من مزرعة خاصة؟!
أما من يعرف ويجرؤ على القول: "لا خسئتم" للقوة الامبريالية ويمارس العصيان والرفض الواعي والكريم لمحاولات فرض الاملاءات عليه، فسوف يجبر المتغطرسين عاجلا أم آجلال على النزل عن ظهور بغالهم.. بشرط أن يملك عتادًا للمبارزة! وهذا بالضبط ما فعلته وحققته بيونغ-يانغ. لم تتنازل عن حقها في أدوات دفاع عن النفس وهي ترى جيدا ماذا كان مصير من رضخ لواشنطن أو من لم يملك قدرات لردعها..
نعلم أنه لا زال مبكرا جدا تلخيص لقاء القمة وما سيفضي اليه وكيف ستترجَم التفاهمات بين البلدين، هذه ليست مسائل أوتوماتيكية، بل سيرورة سياسية دولية كاملة وطويلة، بيد أنه من المستبعد جدا أن يقوم فيها الكوريون مستقلو القرار بتسليم القرصان مكامن قوتهم وكشف ظهرهم لطعناته.. مع هذا، فالتطور الذي أفضى الى لقاء القمة والطابع الذي جاء عليه والانطباع الذي تركه، هو أن الكرامة والتحدي والتصدي هي الأفضل أخلاقيا والأصح سياسيا والأجدى فعليا..
للتوكيد نقول: نحن ضد التسلح النووي، لكننا لسنا انتقائيين في رفضه.. لا نجعجع ضده في حالة بيونغ-يانغ ونصمت عليه في حالة واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب – وفقا لمصادر أجنبية!! أما من يزعم أنه بأيدي هؤلاء الأخيرين أضمن، فالرجاء مراجعة تاريخ العدوان والاجتياح والاحتلال والاستعمار والتآمر في القرن العشرين والحادي والعشرين.. كوريا الشمالية لم تقم بشيء من هذا خلافا لجميع المذكورين!
والسؤال: متى تقوم شعوبنا العربية وكل الشعوب المستضعفة بتعلم الدرس الكوري وفعل ما يجب كي لا تُدفع الأموال الطائلة من ثرواتها ومقدراتها ومستقبل أولادها، من قبل وكلاء وضيعين يقومون بدور السارق الصغير لصالح السارق الامبريالي الأكبر؟! وسنظل نأمل ونناشد ونثق بأن هذا اليوم آت يومًا ما حتمًا!