news

قانون جبان وأحمق كأصحابه

مشروع القانون الذي جاء ليمنع توثيق ممارسات جنود الاحتلال ضد أهلنا الفلسطينيين في المناطق المحتلة ويقضي بتجريم كل من يوثق ممارسات الجنود بالصوت أو الصورة، يعبّر عن سلوك جبان، ناهيك عن جميع الأوصاف الأخرى الصحيحة الدقيقة.. مثل أنه قمعي واستبدادي ومناهض لحق الجمهور الأساس في المعرفة وفي التعبير، ولأبسط حقوق العمل الصحفي. فهذه أوصاف تجد لها مئات الممارسات الاحتلالية يوميا لتنطبق عليها. مثل اعلان مواقع كمناطق عسكرية مغلقة ومنع دخولها للصحافة، والحواجز المادية التي تحد من الحركة، وهي ما يتم تبريرها باسم الأمن إياه.
لكن هذا القانون تحديدًا جاء على خلفية كشف جرائم وأبرزها إعدام الشاب عبد الفتاح الشريف في الخليل التي اقترفها الجندي أزاريا، وجرائم أخرى جرى توثيقها وكشفها، بعضها من قبل منظمات حقوقية وإنسانية. هدف القانون باللغة الاسرائيلية هو "حماية الجنود". لكن بجميع اللغات القانونية والأخلاقية (والسياسية الرشيدة أيضا) الهدف منه هو التستر على جرائم جهاز الاحتلال الاسرائيلي. يجب أن يفهم كل اوزراء والنوّاب الذين أيدوا القانون أن لا أحد في العالم يتأثر بالتعامل الشخصاني العواطفي الاسرائيلي المبتذل مع الجنود على أنهم "أولاد ومساكين" و"ضحايا". هذه السخافات لا تقطع الحدود الاسرائيلية. هؤلاء جنود في جيش احتلال مجرم بمجرد كونه جيش احتلال وقبل أن يرتكب أية جريمة عينية محددة.
إن الإقدام على تشريع قانون للتستر على الجرائم علانية دون خجل ولا تأتأة ولا حتى محاولات تمويه، قد يعتبر فعلا وقحا. لكنه من نوع الوقاحة الغبية الحمقاء التي لا تشير الى قوة وثقة واتزان، بل إلى جبن ووضاعة وفقدان للبوصلة. حتى الآن تفذلكت المؤسسة الحاكمة وتلوّت وتلاعبت وهي تبرر ممارسات احتلالها. ولكن حين تصوت حكومة كاملة ونحو نصف برلمان على قانون لحجب الحقائق ومنع كشفها بالتهديد بالسجن، فهذا هو الهرب التام الجبان من الحلبة والميدان. فليس في جعبة المحتلين اليوم حتى أكاذيب لتغطية موبقاتهم.
لقد أشرنا مرارا الى أزمة هذا الاحتلال المجرم. وهي تتفاقم بامتداد سنينه البشعة. ومن ذروات الأزمة العجز التام عن الدفاع عنه من قبل فارضيه وممارسيه ومؤيديه. هذا احتلال من القذارة بحيث أن السبيل الوحيد لمنع انتشار رائحته المنتنة هو إبعاد الأنوف عنه.. وقصة هذا القانون هي المثال الأقوى على هذا الكم من الجبن والحماقة والإفلاس. هذا احتلال الى زوال أكيد، الى مزبلة التاريخ، سواء وثقته الكاميرات بشكل قانوني أم سرّي!